بقلم - حسن المستكاوي
** لم نكن نتوقع تحقيق كل تلك الإنجازات والأرقام المتقدمة فى سباقات السباحة العالمية. لقد شهدت تلك الرياضة الشاقة فى تدريباتها، وفى مسابقاتها، طفرة مصرية عالمية غير مسبوقة فى السنوات الأخيرة، وكنا نظن أنها مشكلة تدريب وجينات وأسلوب حياة أيضا. لكن بعض الظن كان ظنا. إلا أن الأخبار الناقصة خطأ، والأرقام الناقصة فى سباقات السباحة القصيرة أو أى رياضة رقمية خطأ. فعلى سبيل المثال حقق السباح المصرى عبدالرحمن يوسف إنجازا حقيقيا فى سلسلة بطولات كأس العالم، حين فاز بذهبية 50 متر فراشة فى اليونان بزمن قدره 23.04 ثانية، وفضية السباق نفسه فى المجر بزمن قدره 23.13 ثانية. وأضاف عبدالرحمن بجانب إنجازه الرياضى موقفا سياسيا رائعا حين أعلن تضامنه مع الشعب الفلسطينى ومع قضيته العادلة، عند فوزه بذهبيته فى اليونان، فرفع الاتحاد الدولى للسباحة صوره ولحظات انتصاره من حسابه الرسمى بسبب هذا الدعم وكان هذا القرار من جانب الاتحاد الدولى تجسيدا لازدواجية المعايير فى الغرب عموما، واختيار هذا الغرب لخط فاصل حسب المزاج بين السياسة وبين الرياضة.
** لكن خبر تفوق عبدالرحمن جاء ناقصا وأصاب البعض بالحيرة، فهل هى بطولة عالم أم كأس العالم، وهل السباق من السباقات الأوليمبية أم ليس كذلك؟ وأين يأتى مركز عبدالرحمن يوسف بين أبطال العالم بأفضل أرقامه؟
** ينظم الاتحاد الدولى للسباحة سلسلة بطولات لكأس العالم هذا العام، وقد أقيمت الأولى فى برلين بألمانيا فى الفترة من 6 إلى 8 أكتوبر والثانية فى اليونان فى الفترة من 13 إلى 15 أكتوبر. والثالثة فى المجر فى الفترة من 20 إلى 22 أكتوبر. وستقام الرابعة فى مدريد والخامسة فى البرتغال. بينما أقيمت بطولة العالم رقم 20 هذا العام فى فوكويوكا باليابان فى الفترة من 14 إلى 30 يوليو، وستقام بطولة العالم القادمة فى العاصمة القطرية الدوحة فى شهر فبراير 2024. وهنا جزء مهم فى تحليل أرقام عبدالرحمن يوسف، وهو أن بطولة العالم يشارك فيها أفضل السباحين، وتكون المنافسة فيها أعلى نسبيا. فبطل العالم فى هذا السباق هو الإيطالى توماس تشيكون ورقمه 22.68 ثانية، والرقم العالمى لسباق 50 متر فراشة قدره 22.18 ثانية ومسجل باسم الأوكرانى أندرى جوفروف فى يوليو 2018. وأفضل رقم لعبدالرحمن يوسف وهو 23.04 ثانية يمكن أن يمنحه المركز السادس أو السابع وربما الخامس بتوفيق أكثر فى بطولة العالم. وهذا لا يمنع أبدا من تكرار أن ما حققه عبدالرحمن يوسف يعد إنجازا عظيما للسباحة المصرية لكننى فقط أردت أن أضع الخبر كاملا بقدر الإمكان ليكون أمام محبى هذه الرياضة الرائعة بصورة واضحة، كما لمزيد من التوضيح سباق 50 متر فراشة ليس ضمن السباقات الأوليمبية فى السباحة..
** ومن أجل توضيح أكثر حين يفوز سباح مصرى يدرس فى جامعة أمريكية ببطولة الجامعات فى أى سباق، فهذا إنجاز لم نكن نحلم به كرياضيين، كذلك هناك فارق بين بطولات وارقام سباقات السباقات فى أحواض 25 مترا، وتعرف بـ short corse وبين سباقات أحواض 50 متر الأوليمبية.
** حين حققت فريدة عثمان البطلة المصرية فى سباحة الفراشة كان من الإنجازات الرائعة، وغير هؤلاء الأبطال هناك العديد من السباحين المصريين وصلوا للمستوى العالمى، وهو أمر لم يكن متاحا منذ عرفنا السباحة القصيرة، وكنا نرى أن صناعة بطل سباحة عالمى أو بطلة سباحة عالمية فى دائرة القمة، التى تقارب 20 سباحا أو 20 سباحة فهذا إنجاز وحصول سباح مصرى أو سباحة مصرية على مركز رابع أو خامس فى دورة أوليمبية فهذا إنجاز. بالطبع نحلم بالميداليات، لكن علينا أن ندرك أيضا مستويات القمة وكيف تكون وكيف نقيم نتائجها؟