بقلم - حسن المستكاوي
** شارك فى كأس الأمم الإفريقية 8 حكام مصريين فى إدارة مباريات البطولة، وهو رقم قياسى لم يحدث من قبل فى أى بطولة. والحكام هم: أمين عمر ومحمد معروف ومحمد عادل حكام ساحة ومحمود أبوالرجال وأحمد حسام طه حكمين مساعدين، ومحمود عاشور ومحمود البنا حكمى تقنية الفيديو VAR.. أداء الحكام حتى الدور قبل النهائى، كان مميزا للغاية، واتسم بقوة الشخصية وسرعة القرار ودقته، فكان حكمنا المصرى يسبق تقنية الفيديو قبل أى اتصال يلفت نظره إلى وقوع خطأ أو ضربة جزاء. وهذا الأمر يضع درجات أكبر عند تقييم أداء الحكم.. لكن لماذا هذا المستوى الجيد من حكامنا فى كأس الأمم الإفريقية بينما هم يتعرضون للنقد وللهجوم الشرس فى مباريات الدورى والكأس وغيرهما؟
** فى كأس إفريقيا هم يلعبون فى اختبار مستواه أعلى من مبارياتنا المحلية، وأمام اتحاد قارى مستواه أعلى من مستوى اتحادنا الأهلى، وأمام اتحاد دولى مستواه أعلى من الاتحادين القارى والمحلى فكان لابد من ارتقاء مستواهم أولا. أما ثانيا فهم يلعبون بعيدا عن كل أشكال الضغوط، فلا جمهور يحاسبهم على الأداء، ولا ضغوط من إدارات أندية ولاعبين ومدربين وإداريين، يعلقون فشلهم الفنى على التحكيم، وبصراحة، ولا استوديهات تحلل الأداء وتعيد وتحسب اللعبة بالتصوير البطىء والسريع مرة ومرات، بينما قرار الحكم فى الملعب يكون فى جزء من الثانية وهو الوحيد الذى لا يمكنه أبدا: لا أعرف. لحظة اتخاذ القرار.
** لا أعنى أن حكامنا لا يخطئون فى المباريات المحلية، ولكنهم يقعون فى أخطاء بالتأكيد نتيجة لكل ما اشرت إليه من ضغوط، بجانب، وبصراحة مرة أخرى، هم يحسبون أحيانا قميص الأهلى وقميص الزمالك، وبناء عليه يتخذون أحيانا قرارات غير دقيقة، وهذا أيضا بسبب ضغوط شعبية الناديين الكبيرين. لكن كيف مثلا لحكم مثل محمد عادل يدير مباراة كوت ديفوار ومالى، ولا يهاب ضغط الجمهور، وقرر فى لحظة طرد الإيفوارى أوديلون كوسونو فى الدقيقة 43 لحصوله على الإنذار الثانى.. وكان حاسما وموفقا فى قراراته، واحتسب وقتا بدل ضائع فعليا فى نهاية المباراة، مجرد دقيقة.. وهو ما اثار غضب لاعبى مالى. فأخرج الكارت الأحمر الثالث فى المباراة فى وجه هامارى تراورى نجم منتخب مالى.
** الحكاية بسيطة، ولا تستحق كل مظاهر الاعتراض والاحتجاج فى ملاعبنا، لدرجة أن كل دكة تقوم وتقعد وتعترض وترفض وتحتج وتزأر وتزوم إذا لم يحتسب الحكم «رمية آوت» لصالح سيادتهم، وهذه المشاهد لا ينفرد بها نادٍ دون الآخر. فكلهم هؤلاء.. لكن دعونا نفكر ماذا لو أصيب حكم أثناء مباراة فى الدورى ولم يكن له بديل؟ وماذا لو أعلن مذيع الاستاد على جمهور المشاهدين بالملعب عن الحاجة لحكم مارس المهنة بين الجمهور كى يشارك فى المباراة؟
** لو حدث ذلك فى ملاعبنا فسوف تقوم مواقع التواصل والأستوديهات والبرامج، والصحف والصحفيون على رأس لجنة التحكيم وعلى رأس الاتحاد، وعلى رأس الكرة المصرية ولن تقعد ولن يقعد أحد.. إلا أن الحكاية بسيطة جدا هناك فى العالم الآخر.
** كانت المباراة فى الدورى الالمانى بين فريقى فولفسبورج وكولن فى 27 يناير الماضى، وأصيب الحكم المساعد ثوربن سيوير بعد مرور 14 دقيقة، عندما شتت ماكس فينكجرافى مدافع كولن الكرة بالخطأ فى وجهه. وأصيب الحكم وتوقفت المباراة 15 دقيقة بسبب هذه الواقعة، حيث تلقى الحكم المساعد بعض الإسعافات الأولية على مقاعد البدلاء حتى تم استبداله بالحكم الرابع نيكولاس فينتر. وبعدها استفسر المذيع الداخلى للملعب من الجمهور عن وجود شخص بين الحاضرين يحمل رخصة حكم، كى يحل محل الحكم الرابع الذى تولى دور الحكم المساعد الذى أصيب، فتقدم المشجع توبياس كرول لاعب فولفسبورج السابق الذى يبلغ من العمر 32 عاما ليتولى المهمة. وكرول هو حارس مرمى ويعمل مديرا رياضيا لنادى إم تى فى جيفهورن، أحد الفرق المجاورة لملعب فولفسبورج. ويحمل ترخيص حكم..
** وتلقى المشجع توبياس كرول هدية وصفت بأنها قيمة للغاية، وهى عبارة عن تذكرتين للمباراة النهائية لكأس ألمانيا التى تقام فى برلين يوم 25 مايو المقبل، بالإضافة إلى قميص لحكم موقع من قبل جميع حكام البوندسليجا.
** أعلم أن هناك معاناة منذ فترة فى الكرة الألمانية بسبب المنتخب وبسبب أحداث عنف وشغب بدأت تتكرر، ومع ذلك أرجوك لا تسألنى عن نتيجة مباراة فولفسبورج وكولن.. فلم أهتم بها، ولكنى وجهت اهتمامى إلى ممارسة هؤلاء الناس لكرة القدم بصورة بسيطة؟!