بقلم - حسن المستكاوي
** منتج كرة القدم ليس مجرد مباراة، وخبر وتعليق وتحليل وتصوير وكل ما يحيط بالمباراة. وقد ظلت الصحافة الإنجليزية تسبق الوسائل الإعلامية فى كثير من الأوقات. فعند انتهاء موسم الدورى الإنجليزى، اهتمت الصحافة، بالتعليق، والتحليل، وتناولت بسرعة: كيف فاز مانشستر سيتى بأربعة ألقاب متتالية؟ مدى تأثير تفوق مانشستر سيتى على درجة التنافسية فى الكرة الإنجليزية؟
** لم تتثائب الصحافة فى إنجلترا أمام الوسائط والوسائل السريعة، أمام التليفزيون والمواقع، والإنترنت، والسوشيال ميديا، فأسرعت عبر مواقعها الإلكترونية والإصدارات الورقية فى تقييم الموسم الذى انتهى منذ ساعات، بموضوعات تجمع كل ما جرى فى الموسم: «حركة المدربين المتوقعة بين فرق المسابقة، وقالت إن هناك 8 مدربين مرشحين للانتقال من فرقهم». وراجعت الصحف الإنجليزية الموسم كله وما جرى فيه. وتناول التحقيق والتحليل أفضل مباريات الموسم. وعلقت عليها، وأشارت إلى أسباب اختيار تلك المباريات. وكان منها مباراة تشيلسى والسيتى 4/4، وأرسنال ولوتون 4/3. وتشيلسى وتوتنهام 4/1. ومانشستر يونايتد وولفز 4/3. وليفربول وفولهام 4/3. ومانشستر سيتى ونيوكاسيل 3/2.
** اختارت الجارديان أفضل مدربى الموسم. ولم يذهب الاختيار مباشرة إلى المدرب البطل. جوارديولا، إنما إلى إيمرى مدرب أستون فيلا، وأورالا مدرب بو رنموث، ومدرب لوتون روب إدواردز، وبيب جوارديولا بالطبع. وشرحت أسباب الاختيار. فلا عواطف، ولا مغازلة ومداعبة للأندية الأكثر جماهيرية. فهناك مدربون نجحوا فى النجاة فى صراع البقاء بأقل قدرات وإمكانات وكيف أدارو تلك الأدوات. وهناك من نجح فى التأهل بفريقه لدورى أبطال أوروبا. وهناك من توج باللقب. وهناك من قدم عروضا قوية.
** الاختيارات الخاصة باللاعبين الأفضل تضمنت فيل فودين مانشستر سيتى، وكول بالمر لاعب تشيلسى، وألكسندر إسحاق نيوكاسيل، وديكلان رايز لاعب أرسنال، وواتيكينز لاعب أستون فيلا، ومارتين أوديجارد لاعب أرسنال. ولم تكن القائمة كلها من الفريق الفائز باللقب، كما تجرى العادة هنا، بداية من أفضل حارس، وأفضل مدافع، وأفضل لاعب وسط وأفضل مهاجم. إلخ.. إلخ.. إلخ؟!!
** القوائم الخاصة باللاعبين تنوعت إلى أفضل الأهداف وأكثرها تأثيرا فى النتائج، وكيفية تقييم الهدف الأفضل. وكذلك الصفقات فى الموسم. وأفضل اللاعبين الشباب، كما تناولت الاختيارات أهم القضايا التى أثيرت خلال الموسم، ومنها قضية تقنية الفيديو وجدواها وهل تستمر فى الدورى الإنجليزى أم يتوقف الاستناد عليها فى المباريات وهو الأمر الذى ستناقشه الأندية فى اجتماعها السنوى خلال يونيو القادم.
** كان كل شىء تحت العناية، والنظر. والأرقام والإحصاءات جاهزة، وتحليل أسباب الاختيارات لا علاقة له بالجماهيرية أو بمغازلة الأندية الكبيرة، وهناك مجهود يبذل من المحررين والخبراء طوال الموسم، ولأن التحقيقات والموضوعات تمت مناقشتها قبل الموسم، كان تجميعها وإعدادها بعد نهاية الموسم سريعا ومشوقا للقارئ، سواء قارئ الموقع أو النسخ الورقية. وهكذا سبقت الصحافة الوسائط السريعة التى تهتم بالخبر وتسبق فيه الجميع. وقد أدركت الصحف العالمية أن الأخبار تضمى بسرعة البرق وتطير حول العالم وتدور دون انتظار. بينما السباق المتاح هو فى التحليل والموضوعات والقصص والخبرية وما وراء الأخبار.
** تعانى الصحافة العربية والمصرية، من تركيزها على الأخبار التى نشرت أصلا وعرف بها الجميع فى ظهيرة يوم سابق، وفى مساء يوم سابق، وفى ترتيب تلك الأخبار، وهو أمر تجاوزته صحف العالم. ولذلك بمراجعة أرقام توزيع الصحف المصرية والعربية سنجد هبوطا حادا فى الأرقام. وتعبير «هبوط حاد» لا يكفى لتوصيف الحالة. وما زلت أؤكد أن الابتكار والإبداع والتفكير والصياغة الجميلة، والمعلومات الموثقة، وغيرها من مهارات هى ما تحتاجه الصحافة العربية والمصرية. سواء فى الرياضة والفن والسياسة والاقتصاد وغيرها من المجالات، ومن أهم الأبداعات تلك القصص الخبرية الجديدة، وأذكر هنا. تحقيق الزميلة ياسمين سعد فى المصرى اليوم بعنوان «تذكرة على متن تيتانيك» وهذا العمل الصحفى أخذ من الزميلة ياسمين ثلاث سنوات حتى وصلت إلى السيد حمد حسب المواطن المصرى الذى كان على متن السفينة تيتانيك التى غرقت فى رحلتها الأولى والأخيرة يوم 15 إبريل عام 1912، وكان هو أحد الناجين من الغرق، وقد أرسل برقية تفيد بنجاته إلى أهله فى مصر يوم 18 إبريل من العام نفسه.. وهذا التحقيق فى حد ذاته يؤكد أن الصحافة يمكن أن تحيا، وأن وقودها هو الموهبة والشغف وحب المعرفة.