بقلم - حسن المستكاوي
** ضربة الجزاء فى قانون كرة القدم من أعنف العقوبات وتسديدها يحتاج إلى الخبرة وإلى هدوء الأعصاب من اللاعب بجانب المهارة بالطبع وهى عقوبة شديدة على الفريق وعلى الحارس الذى لا يلام غالبا إذا ما منى مرماه بهدف من هذه الضربة. ودخلت ضربة الجزاء كعقوبة فى قانون كرة القدم عام 1890 عندما تقدم «وليام ماكروم» وزميله جاك ريد باقتراح لاتحاد كرة القدم الأيرلندى باعتماد ضربة الجزاء كعقاب عند ارتكاب خطأ ضد المهاجم داخل المنطقة وبعد عام كامل دخلت ضربة الجزاء كعقوبة معتمدة فى اللعبة وقد رفضت الصحف الإنجليزية ضربة الجزاء ووصفت اقتراح «ماكروم» بأنه مجرد «عواطف رجل أيرلندى»، ووصفت القانون بأنه «الحكم بالإعدام» على كرة القدم.
** عاشت ضربة الجزاء، ولم تكن مجرد «عواطف رجل أيرلندى». لكنها أصبحت فى أحيان شهادة لحارس مرمى، وابتكارا من جانب بعض اللاعبين، حسب طريقة تسديد الضربة. بعض اللاعبين ينتظرون تحرك الحارس وبعضهم يسدد الكرة بقوة وتقول ساندرا يوهانى المتخصصة فى علم الرياضيات فى جامعة إيرلانجين فى نورنبرج: « التصدى لركلة جزاء ضد كل القواعد الطبيعية لعلم الفيزياء».. كيف؟
** تضمن تفسيرها للامر أن اتساع المرمى هو سبعة أمتار و32 سنتيمترا وارتفاعه يصل إلى مترين و44 سنتيمترا والمسافة بين المرمى ونقطة الجزاء هى 12 ياردة أو 11 مترا وأن قطر الكرة هو 22 سنتيمترا وأن غالبية الكرات التى تسدد من نقطة الجزاء تتراوح سرعتها ما بين 72 و90 كيلومترا فى الساعة أى بمتوسط سرعة يبلغ 83 كيلومترا فى الساعة أى ما يعادل 23 مترا فى الثانية الواحدة وهذا يعنى أن الكرة تصل إلى خط المرمى فى نصف ثانية.
** وتضيف ساندرا يوهانى فى دراستها: «يحتاج رد فعل أى حارس إلى ربع ثانية على الاقل فيتبقى له ربع ثانية أخرى ليقفز من منتصف المرمى للوصول إلى الكرة وإبعادها عنه وهذا مستحيل ففى تلك الحالة لابد أن سرعته 35 كم فى الساعة، ليصل إلى القائم، وأن العداء فقط يمكنه أن يحقق هذه السرعة. على أى حال تتعدد أساليب ركلة الجزاء، البعض يلعبها بهدوء أعصاب بالغ، ويركنها فوق الحارس، وهكذا تتنوع الاساليب.
** وقبل أيام تقدم المهاجم الأرجنتينى ماورو إيكاردى وزميله فى جالطة سراى كريم اكتوركوجلو، لتنفيذ ضربة جزاء بطريقة التمرير ضد فريق إسطنبول سبور، فمرر كريم الكرة إلى ماورو إريكادى الذى تقدم وسدد الركلة خارج المرمى، وعلى الرغم من مرارة ضياع الضربة فقد ارتسمت بسمة على اللاعب الأرجنتينى للطريقة التى أهدر بها اللعبة.
** تلك اللعبة تكررت أكثر من مرة، لكن فى ذاكرة كرة القدم المصرية إبداع من المايسترو صالح سليم ومحمود الجوهرى، عندما مرر صالح سليم ضربة جزاء للجوهرى ليسجل الهدف الخامس للأهلى فى مرمى المنيا عام 1962، وكانت لعبة جديدة ومدهشة الجماهير، ويفرض القانون أن تمرر الكرة لزميل خارج حدود منطقة الجزاء وتمرر إلى الأمام وليس إلى الخلف.
** تكررت هذه اللعبة فيما بعد كثيرا، وهناك ركلة شهيرة من تيرى هنرى وروبيرت بيريز فى مباراة عام 2005 لأرسنال وأهدرت. ومع ذلك يظل هنرى واحدا من أفضل لاعبى الكرة، وفرنسا، وهو لاعب ماهر ويسيطر على الكرة، وسريع للغاية. وتألق فى العديد من الأندية ويبدو هنرى صاحب مواقف كوميدية ففى مباراة أخرى بالدورى الإنجليزى أراد إعادة الكرة إلى الفريق المنافس «بروح رياضية» فإذا بها تدخل المرمى ويسجل هدفا.
** كرر ليونيل ميسى ولويس سواريز تلك اللعبة مع برشلونة عام 2016. وتكررت فى الكثير من المباريات، لكن من ضربات الجزاء المبتكرة والغريبة تلك التى تبادل فيها يوهان كرويف وزميله جاسبر أولسون لأياكس أمستردام عام 1982. إذ تصدى كرويف للعبة ومرر الكرة إلى زميله جاسبر الذى استلم الكرة ثم مررها مرة أخرى إلى كرويف ليسجل منها هدفا.
** ويبقى أن ركلة الجزاء تعاد إذا مررت الكرة إلى الخلف وبالطبع إذا تحرك الحارس، لكن الطريف أنه يمكن تبادل الكرة بعد تمريرها بطريقة صحيحة إلى الأمام، كما حدث من جانب كرويف وجاسبر أولسون.. فما هى الأعصاب التى تتحمل ذلك؟