بقلم - حسن المستكاوي
** هل هناك حظ فى كرة القدم؟
** نعم فى أحيان كما فى الحياة، لكن عجلة الحظ لا تدوم، كما أن لحظة الحظ ليست دائمة، وإنما العمل الدءوب هو الذى يدوم. لقد كان لاعبو كوت ديفوار يحملون «تميمة حظ» فقد اضطر «الأفيال» للانتظار حتى اللحظات الأخيرة لحسم البطاقة الرابعة والأخيرة لأفضل أربعة منتخبات تحتل المركز الثالث بعدما اكتفى الفريق بفوز وحيد فى الدور الأول أمام غينيا بيساو بهدفين دون رد فى الافتتاح ثم خسارتين أمام نيجيريا بهدف ثم انهيار أمام غينيا الاستوائية بأربعة أهداف.
** إلا أن لاعبى كوت ديفوار امتلكوا روحا قتالية، عادوا بها إلى الحياة، مثلما عادوا أمام نيجيريا فى المباراة النهائية. فكان الهدير، وكانت السعادة والفرحة بعد صفارة النهاية استثنائية، حيث أصبح ملعب الحسن واتارا وسط كتلة واحدة من الفرح البرتقالى. كان الأمر يتعلق بكرة القدم وانتصارًا غير محتمل، لكنه كان يتعلق بما هو أكثر من ذلك بكثير. لقد مرت 13 سنة فقط منذ نهاية الحرب الأهلية الثانية فى ساحل العاج..
** تقدم منتخب نيجيريا بهدف سجله وليام تروست إيكونج فى الدقيقة 38، وفى الشوط الثانى، أحرز فرانك كيسيه هدف التعادل لكوت ديفوار فى الدقيقة 62، قبل أن يضيف النجم سباستيان هالير الهدف الثانى فى الدقيقة 81.. أخطأ نسور نيجيريا بالتراجع للدفاع والحفاظ على هدف التقدم، بينما تقدم الأفيال إلى الهجوم بعد إحراز هدف التعادل، فهم يرفضون إصابة جماهيرهم بالإحباط، والانتصار والفوز باللقب هو الطريق الوحيد. وتجلت مرة أخرى فى البطولة ظاهرة النضال، حتى لو كنت فنيا أقل، فيمكن تعويض ذلك باللياقة والكفاح والعمل دون توقف.
** سجل سباسيتان هالير هدف النصر قبل تسع دقائق من نهاية المباراة، وكان الهدف يمثل أعظم ريمونتادا للأفيال، وبقدر ما كان هالير بطلا، فقد كان بطلا فى الحياة بانتصاره على مرض السرطان بعد 18 شهرا من النضال. وضمن ما يشبه المعجزة، وفى سياق معجزات الأفيال فى تلك البطولة، كان المدرب الفرنسى الأساسى جان لويس جاسيت أقيل من منصبه بعد دور المجموعات ودون انتظار للتأهل رسميا، وحل محله مؤقتا المدرب المساعد المحلى إيمرس فايى الذى قاد الفريق لبلوغ المباراة النهائية. بفضل تواصله مع لاعبيه ومع الشعب الإيفوارى، وباختياره للثلاثى لكنه لم يتواصل مع فريقه أو مع الشعب الإيفوارى، جان ميشيل سيرى، وفرانك كيسى، وسيكو فوفانا، الذين كانت سيطرتهم على المباريات هى السبب ـ إذا كان هناك سبب آخر غير القدر ـ فى فوز كوت ديفوار بالبطولة.
** انتهت المباراة، واهتزت المدرجات بالرقص والموسيقى ودموع الفرح ورفع فى الملعب علم ضخم يحمل كلمتى «كوماندوز الأفيال»، وكانت هناك لافتة أخرى كتب عليها شكرا للاعبين قبل المباراة، واستبدلت بعد إحراز اللقب.
** تلك مشاهد لا يمكن تقييمها. نعم من المستحيل تحديد قيمة لمثل هذه الأشياء، ولا حتى رهن تلك السعادة الشعبية الجارفة بما تردد أن كوت ديفوار أنفقته وهو مبلغ مليار دولار لاستضافة البطولة. وقد خرج الجميع بنتيجة أن الرئيس حسن وتارا أصبح المرشح الأوفر حظا فى الانتخابات القادمة.
** هناك لغز غير مفهوم، فقد كان منتخب كوت ديفوار يملك نخبة من المواهب مثل دروجبا وسالمون كالو وأرونا كونيه ويايا وكولو توريه وديدييه زوكورا وإيمانويل إيبويه. وفشل هذا الجيل فى تحقيق الإنجاز بينما كان اللقب من نصيب الجيل الحالى. وربما تكون محاولة تفسير ذلك أمرا صعبا. فقد اتضح فى النهاية أنه لا توجد وسيلة لحرمان كوت ديفوار من إحراز اللقب الثالث. فهذا الفريق لم يمكن أفضل منتخبات البطولة، ومنتخب كوت ديفوار الفائز بهذا اللقب ليس أفضل منتخبات الكرة الإيفوارية، لكنه دون شك حقق أمرا عظيما.