بقلم - حسن المستكاوي
** من مرحلة الخبر والأخبار المجردة، إلى مرحلة الوصف التفصيلى انتقلت الصحافة الرياضية المصرية والعربية والعالمية أيضا. وقد طالت مرحلة وصف المباريات لما يقرب من نصف قرن، بتأثير لغة الزمن وعلومه الرياضية وبتأثير عدم انتشار الراديو والتليفزيون فكان لابد من الوصف التفصيلى للمباراة. ومعروف أن الإذاعة المصرية بدأت تذيع مباريات كرة القدم منذ عام 1934، بينما دخل البث التليفزيونى مصر عام 1960.
** واهتمت جريدة الأهرام منذ البداية بمباريات القمة بين الأهلى والزمالك (المختلط)، وعلقت على المباراة التى أقيمت بين الفريقين يوم الجمعة 17 نوفمبر عام 1922 بقولها: «تبارى النادى المختلط الذى يقود فرقته حسين بك حجازى مع النادى الأهلى الذى يقود فرقته رياض شوقى أفندى، بين جمهور عظيم من مشجعى الطرفين بأرض الجزيرة. ويعز علينا أن نبخل عن أفراد الفرقتين بالثناء والشكر». وبعد الوصف التفصيلى لوقائع المباراة أعرب المحرر الرياضى للأهرام عن سعادته وسعادة سائر المتفرجين «أن تكون نتيجة المباراة تساوى الفريقين دون أن يصيب أحدهما مرمى أخيه»!
ومنذ الخبر الأول واليوم الأول الذى نشرت فيه الأهرام أخبار الرياضة كانت تمارس دورها التنويرى، ورسالتها فى نشر المعارف على قارئها. فاهتمت بتفسير وشرح قوانين كرة القدم وموادها. وفى 21 نوفمبر عام 1924 نشرت الأهرام خبرا يؤكد وجود نشاط كرة القدم فى مصر منذ عام 1885. وذلك تحت عنوان: «قدماء الكرة عام 1885 ». وجاء فيه: «لعب جماعة قدماء 1885 جدود الكرة المصرية مع قدماء 1905. وكان العجب أن الفوز حليف قدماء 1885. ولا نجد لدينا سوى كلمة عفارم نهديها للأقدماء بكل وفاء».
** لقد تطور تحليل المباريات من زمن الوصف التفصيلى، لأن المباريات كانت تذاع فى الراديو، ولا يتابعها كثير من الناس، ثم فى التليفزيون ولم تكن كل الأسر المصرية تمتلك هذا الجهاز الساحر، فكان الوصف التفصيلى ضرورة، وكان مشوقا للغاية حتى لمن شاهد المباراة، لأن التحليل المكتوب يقدم للقارئ ما خفى عنه ويجيب على تساؤلات لماذا فاز فريق ولماذا خسر الآخر؟ ومن هم النجوم؟ وما هى طرق اللعب المتبعة فى الفريقين، وسبق بعض الكتاب عصرهم، ومزجوا بين جديد كرة القدم فى العالم، مع مقارنته بما يجرى فى ملاعب الكرة المصرية. وفى أرشيف الصحف شهادات تضع هؤلاء الرواد ببلاغتهم وثقافاتهم فى المنطقة التى يستحقونها..
** تطورت الصحافة الرياضية، وانتقلت من عصر الوصف التفصيلى إلى التحليل، وكان ذلك يحدث أحيانا بعد وصف مباراة فى يوم ثم التحليل فى اليوم التالى، وأثرت كتابات كبار الصحفيين الرياضيين من جيل الأساتذة صفحات الرياضة، وطالت شهرتهم عربيا، وهم الأساتذة نجيب المستكاوى، وعبدالمجيد نعمان، وناصف سليم، وحمدى النحاس، وأحمد مكاوى، وغيرهم وقد تضمنت مقالاتهم الكثير من التحليل العميق والدقيق لمباريات كرة القدم المصرية والعالمية أيضا. فقد مارسوا الاتصال بالعالم عبر الصحف الأجنبية، لاسيما الأستاذ نجيب المستكاوى الذى كان يجيد الفرنسية والإنجليزية، ويطلع على صحف الإيكيب والصحف الإنجليزية وأشهر المجلات الرياضية مثل أونز، وورلد سوكر، وغيرها. وفى تلك الفترة جمعت الصحافة وجمع الصحفيون بين الوصف التفصيلى وبين التحليل.
** ثم بدأت مرحلة جديدة بعد انتشار التليفزيون، وظهور البرامج الرياضية التحليلية.. فماذا حدث وكيف بدأ الصحفيون الرياضيون مرحلة تحليل المباريات؟
** وعندما بدأنا مع جيلى من الصحفيين كتابة مباريات كرة القدم منذ نهاية السبعينيات كنا ندرك أن وصف الموصوف، أو الوصف التفصيلى انتهى زمنه، وأن المباراة يجب أن تكتب بصيغة التحليل، وأذكر أن مجلة وورلد سوكر الإنجليزية كانت مرجعا لى، وتعلمت من كتابها الذين يحللون مباريات وأحداث كرة القدم قيمة وضع إجابات أمام القارئ: لماذا وكيف فاز فريق ولماذا وكيف خسر فريق؟