بقلم - حسن المستكاوي
** إذا كانت الثقافة أسلوب حياة حسب التعريف الفرنسى، فإن الانضباط هو سلوك الاحتراف فى أى مهنة، من كرة القدم إلى رائد الفضاء. وعندما يقرر ثلاثة لاعبين من الزمالك مغادرة معسكر الفريق قبل مباراة زد، ويسهرون، وتنتهى سهرتهم عند الفجر، فإن قرار استبعاد الثلاثة من المباراة، وقرار العقاب الصادر من مجلس إدارة نادى الزمالك قرار صائب وقوى وضرورى. فلا يوجد لاعب مهما كان نجما فوق ناديه، لا يوجد لاعب أهم أو أعلى من الكيان، والزمالك كيان كبير جدا. والمهم هنا أن القرار حقيقة، وليس مجرد إعلان لعقاب أو موقف لم يكن ولن يكون. وأتحدث هنا تحديدا عن فتوح الذى رأيته دائما واحدا من مثلث القوة الحالى والرئيسى فى الزمالك بالمهارات والأداء، وهم الونش قبل أن يصاب فى الدفاع، وفتوح كمفتاح لعب وظهير أيسر، وزيزو كجناح أيمن.
** وجود فتوح ضمن مثلث قوة الزمالك وأحد أهم عناصره لا يعنى أن يغادر المعسكر ولا يعنى ايضا أن يطلب المغادرة وهذا بفرض أنه طلب، ولا يعنى مرة ثالثة أن يسهر حتى الفجر. وبعض اللاعبين فى مصر لا يقدرون النعمة التى أنعم بها الله سبحانه وتعالى عليهم، ولا يقدرون معنى الانتماء الحقيقى بعيدا عن تمثيلية الشاشات وتقبيل الفانلة والشعار ورسم القلوب، وتلك حركات نصفها حقيقى ونصفها الآخر مغازلة لجمهور يقدر بالملايين. فالانتماء الحقيقى أن تكون محترفا منضبطا، تعلى الفريق على شخصك، وتعلى الكيان على نفسك.
** حسب الأخبار والتقارير التى نشرت عن واقعة مغادرة معسكر الفريق، والتحقيقات التى جرت وتجرى هناك اعتراف بما جرى من لاعبين. وقد كان موقف نادى زد تربويا حين أعلن عن فك ارتباطه بفتوح، ولعل الأمر ينتقل إلى أندية أخرى إذا كان وسط كرة القدم يرغب حقا فى معالجة حالات الفوضى التى تفشت. وكثيرون يعلمون أن بعض اللاعبين يسهرون، ولا يلتزمون بالتغذية السليمة، وبعضهم يدخن، وبعضهم أيضا كان يدخن علنا الشيشة على المقاهى وفى الكافيهات. ونذكر جميعا أن سير أليكس فيرجسون المدير الفنى التاريخى لفريق مانشستر يونايتد كان عنيفا جدا فى يوم ما مع نجم نجوم الفريق والكرة الإنجليزية والمجتمع، دافيد بيكهام لأنه تأخر عن موعد تدريب صباحى ربع الساعة. وقد تكون تلك قصة بعيدة عن أجيال. لكن قصة راشفورد قريبة جدا.
** اللاعب الإنجليزى الدولى ماركوس راشفورد، الذى أتم العام 26 من عمره، ذهب إلى ملهى ليلى لحضور حفل عيد ميلاد جرى الترتيب له بشكل مسبق، وذلك بعد ساعات من مباراة الديربى مع مانشستر سيتى، وقال تن هاج مدرب الفريق لدى سؤاله بشأن توجه اللاعب للملهى: «نعم، أعلم ذلك». وأضاف: إنه «أمر غير مقبول» أن يذهب لاعب الفريق راشفورد لحضور حفل فى ملهى ليلى عقب الهزيمة المحرجة أمام مانشستر سيتى (صفر / 3 ) أبلغته بذلك، واعتذر، وهذا كل ما فى الأمر. وهذا أمر داخلى».
** إن مظاهر الانضباط فى حياة الرياضيين واللاعبين المحترفين معروفة لدى الجميع، فالرياضى على المستويات العليا يحرم نفسه من مباهج الحياة، ويعتنى بصحته، وينام مبكرا، ويهب يومه للتدريب. وحياة الاحتراف.
** لم يعلن تن هاج أنه وقع عقوبات على راشفورد، وهذا يقودنا إلى حجم التجاوز ورد الفعل. لكن فى النهاية كان هناك رد فعل وكان هناك اعتذار من راشفورد. بينما أصحاب الفعل الأكبر فى ملاعبنا يكابرون ولا يعتذرون.. وقد آن الأوان لفرض الانضباط فى ملاعب الكرة المصرية حتى لو كان ثمن ذلك صعبا، والواقع أن الأوان كان قد مضى من سنين، ولعله يعود ونراه.. «وحشنا»!