بقلم - حسن المستكاوي
** أصيبت العديد من الأجيال بالإحباط إزاء الشعار الشهير: التمثيل المشرف. وهناك أجيال أيضا لا تدرك معانى الحركة الأوليمبية، خاصة بعد أن أصبح الملايين يرون ويلمسون تفوق الرياضيين العالميين فى الألعاب الأوليمبية على الهواء مباشرة، فى تطور جعل الانتصار والتفوق هدفا اجتماعيا فى كل دولة.. تلك هى الحقيقة، لكن للحقيقة وجها آخر، وهو القيم الأوليمبية ومفاهيمها، وتلك رسالة الإعلام المطالب بالتدقيق فى التمثيل المشرف وحدوده، فى الألعاب الأوليمبية، وماذا يعنى لاسيما على مستوى اللعبات الفردية. وفى الوقت نفسه ما هى الالتزامات القارية بالنسبة للألعاب الجماعية؟
** أعود أولا إلى ضربة البداية..!
** عندما أصدر البارون بيير دى كوبرتان العدد الأول من النشرة الأوليمبية فى يوليو 1894 استخدم الشعار الإغريقى الأوليمبى القديم: «الإقدام.. النبل.. القوة. وأصبح هذا الشعار فيما بعد كن مستعدا، كن سريعا، كن ساميا». ودى كوبرتان هو باعث الألعاب الأوليمبية القديمة، وهو صاحب أحد أشهر الجمل الرياضية التى تعكس مفهوم الحركة الأوليمبية، وقيم الرياضة، وقد ظهر هذا النص فى دورة ألعاب لندن 1908: «أهم شىء فى الألعاب الأوليمبية ليس الانتصار، بل مجرد الاشتراك. وأهم ما فى الحياة ليس الفوز بل النضال بشرف».
** التمثيل المشرف مقيد بفهم مداه على المستوى الفردى، فالسباح الذى يفوز بمركز رابع أو حتى خامس فى سباق 100 متر حرة هو بطل. والعداءة التى تحرز نفس المركز «رابع أو خامس أو حتى وصلت للنهائى فى سباق 100 متر عدو» هى بطلة وصاحبة إنجاز رائع. لكن الظهور بمستوى هزيل وعدم المرور من التصفية الأولى، ليس تمثيلا مشرفا، وهذا يسير على لعبات أخرى مثل الجمباز، الكاراتيه والجودو والتايكوندو والرماية وغيرها. وهنا يمكن للدولة تحديد من يشارك ومن لا يشارك فى اللعبة الفردية. وذلك وفقا لمستويات مدروسة. لكن يجب أيضا مراعاة احتمال عدم ظهور البطل الأوليمبى المشارك فى مستواه الحقيقى نظرا لظروف معنوية أو جسدية طارئة وأظن أنه ما أصاب الرباعة نهلة رمضان بطلة العالم فى دورة أثينا الأوليمبية، وكنت أجلس بجوار دكتور حسن مصطفى وقلت له: نهلة لن تحرز ميدالية. وهو ما حدث بالفعل.
** الأمر يختلف بالنسبة للألعاب الجماعية. التى تستند على تصفيات وبطولات عالمية للتأهل للدورات الأوليمبية وفقا لتصنيفات وألقاب قارية، وهنا يكون الاشتراك ملزما أدبيا ورياضيا. وبالتالى إذا انتهى تصنيف منتخب الكرة الطائرة على المستوى الإفريقى باحتلال المركز الأول، فهو مطالب بالاشتراك فى الألعاب الأوليمبية، وبإعداد جيد يسمح له بالنضال بشرف، لأنه من الصعب جدا الفوز بميدالية. والأمر يسير على لعبات أخرى ومنها كرة القدم ولو أن الأخيرة مستوياتها الأوليبمية تسمح لمنتخب مصر الأوليمبى بحلم إحراز ميدالية.
** منتخب الطائرة خرج من التصنيف العالمى لعدم احتلاله المركز الأول أو الثانى فى مجموعته بعد الهزيمة من فنلندا 2/3. وقارة أفريقيا بالنسبة للطائرة تعتمد على الترتيب العالمى فى التصنيف فهل يسبق المنتخبات الأفريقية الأخرى أم لا ؟ وبعد مباراة فنلندا يأتى المنتخب فى المركز 18 فى التصنيف بينما تونس فى المركز 22. وهو ما يسمح للمنتخب بفرصة التأهل. لدورة باريس. علما بأن نتائج دورة الألعاب الأفريقية فى أغسطس القادم حتى هذه اللحظة غير مدرجة ضمن التصنيف ربما إسوة بما اتبعه الاتحاد الدولى فى دورة الألعاب الأسيوية الحالية.
** أتمنى مشاركة منتخب الطائرة رغم فارق المستويات العالمية، وأن يكون مصاحبا لمنتخب كرة السلة بعد الملحق العالمى فى يوليو القادم، ومصاحبا لمنتخب كرة القدم وكرة اليد إن شاء الله.
** يبقى أن أشير وأكرر أن الألعاب الأوليمبية يشارك بها ما يقرب من 11 ألف رياضى ورياضية، ويفوز بالميداليات 900 أو ألف بطل وبطلة.. فهل الذين لا يحصلون على ميداليات يوصفون بالفشلة؟ المشكلة هى كيفية تقدير من يطلق تلك الكلمة على لاعب أو لاعبة أو منتخب وهل يعرف المستويات الأوليمبية والعالمية أم أنه... لا يعرف؟!