بقلم - حسن المستكاوي
** ليفربول أحد أقوى أندية العالم، ويسعى هذا الموسم للفوز بلقب البريمير ليج، وهو فى سباق شرس مع فرق دائرة القمة. وقبل مواجهة اليوم يفتقد ليفربول 9 من نجومه لأسباب مختلفة لكن المدرب الالمانى يورجن كلوب أزعجه أن يصاب محمد صلاح، وقال إنه منذ انضمامه إلى الفريق لم يغب عن صفوفه إلا فى 10 مباريات، منها مباراة لإصابته بالكورونا، والثانية لإصابته بارتجاج. وقال كلوب إنه يتابع صلاح وقد تحدث إليه، وينتظر النتائج الطبية النهائية وأضاف: «ربما نرسل فريقنا الطبى إلى كوت ديفوار».
** هكذا يتعامل أحد أكبر الأندية الإنجليزية والأوروبية مع النجم المصرى محمد صلاح بما يتفق مع مكانته وأهميته للفريق. ومع ذلك ورغم إصابته خلال مباراة غانا ومعاناته بعد نصف ساعة من اللقاء فإنه تحامل حتى وصل الألم إلى المدى الذى لا يمكن معه الاستمرار. وأقف أمام اتهام البعض لصلاح بأنه هرب من المباراة. وللأسف أن البعض يمسك فى القشور، ويمسك فى أسهل التفسيرات، وبعضهم ما زال يشخصن أداء المنتخب، فعندما يهتز الأداء فإن ذلك يكون بسبب الفريق وليس لاعبا واحدا مهما كانت نجوميته، وبعضهم من معتادى الهروب من المواجهات، ومن العمل، ومن الواجب، يفسرون مواقف الغير بأنها صورة طبق الأصل من مواقفهم..!
** محمد صلاح ليس فى حاجة للدفاع عنه، وهو أيضا ليس فوق النقد. ولم يكن فى أحسن حالاته مع المنتخب أو فى مباراة غانا وقبل أن يصاب، إلا أن ذلك لا يعنى أبدا أنه ليس نجما ولاعبا مهما للمنتخب، وأعلم أن الفريق بإذن الله حين يوفق أمام الرأس الأخضر القوى، بدون صلاح، فسوف تنفجر التعليقات بأن المنتخب أفضل بدون صلاح.. وللأسف هل لو لا قدر الله خسرنا وخرجنا سيكون الكلام أن المنتخب افتقد صلاح وكان فى أشد الحاجة لوجود محمد صلاح.. إلى متى يكون البعض سريع الغضب والاشتعال والتحول، وإلى متى يظل سهلا توجيه اتهامات دون حساب؟!
** هذا موقف. وهناك موقف إنسانى من يورجين كلوب، الذى وجه الدعوة إلى السويدى سفين جوران إيريكسون مدرب منتخب إنجلترا الاسبق لقضاء يوم كمدير فنى لليفربول. وكان إيريكسون كشف قبل ايام أنه يعانى من إصابته بمرض السرطان وأن الأطباء أبلغوه بأن أمامه عاما على الأكثر ليعيشه. وفى أحد حواراته الصحفية بعد إعلانه عن مرضه قال إيريكسون إنه عشق فريق ليفربول وتمنى أن يدربه فى يوم الايام، فدعاه كلوب لقيادة تدريب الفريق، بجانب أن هناك دعوة لقيام إيريكسون بتدريب فريق أساطير ليفربول فى ملعب أنفيلد فى عام 2024.
** المشاهير والنجوم تسجل مواقفهم الإنسانية، لكن المواقف كثيرة، ومنها تعامل العالم مع رحيل اساطير الرياضة وكرة القدم، ومنهم فرانز بيكنباور، وانظروا ماذا قال المستشار الألمانى وبعض زملاء النجم الألمانى فى حفل تأبينه باستاد اليانز ارينا، فكانت هناك موسيقى ووضعت أكاليل الزهور على أرض الملعب وحول دائرة المنتصف، بما فى ذلك أكاليل من عدة أندية عالمية مثل برشلونة وليفربول وقال أولى هونيس، الرئيس الفخرى لنادى بايرن ميونخ: «أليانز أرينا لم يكن ليتم بناؤه لولا أن فرانز جلب كأس العالم إلى ألمانيا».
** وقال الرئيس الألمانى شتاينماير: «الانضباط هو الذى جعل من فرانز بيكنباور لاعبا استثنائيا، لقد كان تجسيدا لمركز الليبرو، البعض يقول إنه هو من اكتشف ذلك المركز». وأضاف الرئيس الالمانى: «فرانز بيكنباور أصبح السفير الأكثر شعبية لبلادنا، لا يمكن لأحد تقدير مدى التعاطف الذى جلبه لبلادنا حول العالم، لقد قدم خدمات جليلة لوطننا، لم يكتفِ بتقديم قصص خيالية فقط، بل منحنا نظرة جديدة وردية لأنفسنا، ونحن لن ننسى ذلك».
** أنتهى بموقفين لمدربين من بطولتى الأمم الإفريقية والآسيوية.. الاول سونج الذى قال: «إن منتخب السنغال كان أقوى منا، مما قادهم لتحقيق الفوز، لقد استحقوا الفوز»، والثانى من مدرب اليابان هاجيمى مورياسو الذى قال أهنئ المنتخب العراقى بالفوز لأنه قدم مباراة كبيرة».
** لا يوجد هنا حكم غير عادل، ولا مؤامرة، ولا رطوبة، ولا حرارة، ولا أرض ملعب، ولا رمية آوت ظالمة، ولا تقنية فيديو تجامل، ولا نقص أكسجين، ولا شىء.. فقط احترام انتصار المنافس والاعتراف بأنه يستحق انتصاره لأنه كان الأفضل.. هكذا تكون مواقف الكبار.. تعلموا؟!