بقلم - حسن المستكاوي
** يقال إن قيس لو كان تزوج ليلى مادخلت قصتهما التاريخ، وفى كرة القدم أمر قريب من ذلك، فلو تابعت مباراة وكنت تدرك نهايتها وتراها وتعرفها فإنك لن تشعر بالمتعة، والإثارة التى تصنعها الدراما التى ترتفع درجتها فنيا حين تكون بين خصمين على نفس القدر من القوة، وهنا سوف تشعر بمتعة الفيلم وبمتعة الدراما..
** هكذا كانت مباراة الزمالك وبيراميدز، فلم تعد أسباب شعبية كرة القدم خافية على أحد، ففى كل يوم وفى كل مباراة فى أى مكان أو دولة بالكوكب يمكن أن ترى أسرار وأسباب جمال اللعبة. وأهم الأسباب هو الشك فى نتائجها، فلا يقين مسبق قبل أى مباراة ولا سيناريو مسبق يمكن أن يكتبه مؤلف دراما بنهاية معروفة. ** هكذا كانت مباراة الزمالك وبيراميدز، مثل غيرها من تلك المباريات الدرامية، فقد تقدم بيراميدز فى الدقيقة الخامسة بواسطة فيستون مايلى، ومضى زمن المباراة، وأوشكت على نهايتها حتى انتزع دونجا التعادل فى الدقيقة الثانية من الوقت المحتسب بدلا من الضائع.. ولعب الفريقان شوطين إضافيين، حيث سجل بيراميدز الهدف الثانى بعد دقيقتين من الشوط الإضافى الأول عن طريق مصطفى فتحى، ثم تعادل سامسون أكينولا للزمالك بعد ذلك بتسع دقائق. وفى الشوط الإضافى الثانى، سجل محمد حمدى الهدف الثالث لبيراميدز فى الدقيقة الثالثة لكن الزمالك أدرك التعادل عن طريق حسام عبدالمجيد قبل ثمانى دقائق من النهاية، ليتم اللجوء إلى ضربات الترجيح ويفوز الزمالك 4 /3 ليواجه الأهلى فى نهائى كأس مصر. ** دخل بيراميدز هذه المباراة وهو فى أوج قوته بما يملكه من مجموعة لاعبين من أصحاب المهارات، بينما غاب عن الزمالك العديد من نجومه سواء للإصابة أو للإيقاف كما أقيل مدرب الفريق أسورويو ليتولى المهمة مؤقتا معتمد جمال. وتوقع كثيرون أن يتفوق بيراميدز نظرا للمرحلة الانتقالية الصعبة من وجهة نظرهم التى يمر بها الزمالك، لكن هؤلاء ينسون معنى الشعبية وقيمة ووزن الفانلة والشعار مهما كانت العقبات والنتائج السابقة، فقد خاض الزمالك المباراة بعد أن هزم فى مباراتين أمام إنبى ثم أمام زد. إلا أنه يحدث أحيانا أن تستمد الفرق الكبيرة من الأزمات قوة معنوية تعوض النقص فى الصفوف أو أى خلل فنى. **وصفت تلك المباراة بأنها جميلة وممتعة من جانب خبراء ومحللين، وجماهير. وقد كانت كذلك، على الرغم من أخطاء المدافعين التى تسببت فى بعض الأهداف الستة. إلا أن الصراع هو جوهر كرة القدم. والإيقاع السريع الهجمات المتبادلة أضافت متعة على المباراة، وتغير النتيجة كل فترة ثم سريعا فى أحيان وعدم القدرة على توقع النهاية، كل ذلك أمتع الجمهور سواء الجمهور العام الذى يتابع اللقاء عبر الشاشات أو الجمهور الخاص الذى يسكن مدرجات المباراة ويشجع وينفعل ويشدو بأهازيجه دافعا ومشجعا لفريقه لاسيما جمهور الزمالك الأكثر عددا وحضورا. ** فى الخلفية البعيدة للمباراة كانت هناك سحابة القرارات التى اتخذها مجلس الإدارة بشجاعة بالغة وبشجاعة ضرورية أيضا باستبعاد ثلاثة لاعبين وأحدهم من أهم لاعبى الزمالك ومن أبرع اللاعبين، وهو فتوح، ولم يكن اتخاذ هذا القرار مصدر سعادة لمجلس إدارة الزمالك ولكنه مصدر ألم، إلا أنه كان قرارا حتميا لابد منه من أجل الزمالك من أجل الكيان من أجل مستقبل الزمالك. وفى تلك الخلفية البعيدة التى ظللتها سحابة القرارات خرج مجلس الزمالك منتصرا لأنه قرر نصرة القيم والمبادئ..