بقلم - حسن المستكاوي
** بصورة مؤكدة، تعد المباراة الأولى فى البطولات أو حتى التصفيات القارية أو تصفيات كأس العالم، فى غاية الأهمية. وبصورة ما يرتبط أداء الفريق بنتيجة المباراة الأولى حين يلعب المباراة الثانية سواء كانت الأولى انتصارًا أو انكسارًا. حدث هذا مع ألمانيا والمجر، ومع سويسرا وأسكتلندا ومع ألبانيا وكرواتيا.
** لأن ناجيلسمان توقع صلابة مجرية بعد الهزيمة العنيفة أمام سويسرا كان أداء المانيا أكثر حرصًا وحذرًا. الاندفاع أقل. الإيقاع أبطأ. الاستحواذ على الكرة أطول. مما كان الحال فى مباراة اسكتلندا، حيث كان الهجوم شرسًا. هذه المرة إنها خطة الصبر التى يلعب بها بعض المدربين فى بعض المباريات. وهناك فى أداء ألمانيا شىء هو مزيج من فلسفة جوارديولا ويورجين كلوب. الضغط العالى أحيانًا بشراسة، امتلاك الكرة طويلًا بهدوء. التحركات المستمرة للاعبين، وربما لأربعة أو ثلاثة لهم حرية اختيار الاتجاهات والمساحات. فى الفريق الألمانى جوندوجان وكروس وموسيالا وفريتز وكيميتش، وهو عدد كبير من اللاعبيين الذين يغيرون مراكزهم ومساحات تحركهم.
** موسيالا لاعب مبهر.. سيطرة رائعة على الكرة. ذكاء تكتيكى شديد. وفى التكتيك هو يصنع لنفسه مساحات بالتحرك الذكى فى المساحات. ولاحظ بعض اللاعبين أو كثير من اللاعبين يرسمون تحركاتهم فى مباريات بخطوط مدربهم. وبعضهم يبدو مثل القطار يلتزم بالقضبان. وهل تريدون أمثلة بدون أسماء: «الأجنحة فى الدورى المصرى قديمًا»، ولهم العذر فقد كانت تلك هى كرة زمنهم. ولم تعد هى كرة هذا الزمن. لكن موسيالا يملك براعة السيطرة على الكرة فى اضيق المساحات، وهكذا سجل هدفه الأول فى مرمى المجر. وانظر كيف غربل أربعة مدافعين فى أربعة أمتار، وسدد وسجل.. قلة من اللاعبين يملكون تلك الملكة وأضع منهم محمد صلاح. وأضع فى المقابل أمامه لاعبًا موهوبًا آخر، لكنه لا يملك تلك المهارة وهو إيرلينج هالاند.. فعند النرويجى مهارات أخرى.
** منتخب المجر كان أكثر صلابة بتأثير الهزيمة الأولى أمام سويسرا، وبسبب تاريخ له جذور فى أذهان أجيال، ومن الغريب أن المجر فى المواجهات مع ألمانيا افضل. لكن فى التاريخ قصة معجزة برن يوم هزمت ألمانيا الغربية منتخب المجر الذهبى فى عام 1954 على ملعب واندكورف فى مدينة برن السويسرية، وفازت بكأس العالم. ففى النصف الأول من الخمسينيات، أيام العصر الذهبى للكرة المجرية، فريق العمالقة بوشكاش وهيديكوتى وبوجيك وكوتشيش وجروشيش، وتسيبورا أعضاء أعظم فريق عرفته أوروبا فى القرن العشرين، والتوقعات كلها تؤكد أن المجر ستفوز بالكأس، فقد فازت ببطولة كرة القدم فى الألعاب الأوليمبية بهلسنكى 1952، وخلال السنوات الأربع التى سبقت كأس العالم فاز المجريون بـ28 مباراة دولية، ولم يتعرضوا لهزيمة مرة، كما فجروا كبرى مفاجآت العصر عندما هزموا الإنجليز مرتين، الأولى فى 25 نوفمبر 1953، وفازت المجر 6/3 فى ويمبلى، فكانت أول هزيمة للإنجليز على أرضهم والثانية فى بودابست يوم 23 مايو 1954، وفازت المجر 7/1، وهى أقسى هزيمة للكرة الإنجليزية.
** وللقصة بقية فقد لعبت ألمانيا الغربية مع المجر مرتين، وعن خسارة ألمانيا 3/8 أمام المجر فى المباراة الأولى هناك رواية تقول: إنها كانت لعبة مدبرة ومقصودة من جوزيف هربرجر مدير الفريق الألمانى، الذى أعفى نجومه الكبار ولعب بسبعة من الاحتياطى ليخسر عن عمد، حتى لا يكشف أوراقه السرية أمام المجريين، وكان واثقًا من أنه سيقابل المجر فى المباراة النهائية لو اكتلمت الخطة، بحيث يكسب المباراة المعادة ضد تركيا بعد خسارته من المجر، وبعد أن تتساوى ألمانيا وتركيا فى نقط المجموعة الثانية ونجحت المقامرة فعلًا، إذ فازت تركيا على كوريا 7/صفر، وفازت ألمانيا على تركيا 7/2، وبذلك فازت المجر وألمانيا ببطولة المجموعة الثانية مواصلًا المشوار، ولعبا معًا فى النهائى بعد ذلك، لتفوز ألمانيا 3/2 وسط ذهول كل الناس وأولهم الألمان الذين قالوا فى صحفهم عن الفوز المعجزة فى بيرن بالألمانية:
.«Das Wunder von Bern»