بقلم - حسن المستكاوي
** فى أيام الصيف وبين موسمين، يمكن تناول قضايا اهتممت بها على مدى ممارستى لمهنة الصحافة. وقد أضطر أحيانا إلى تناول حدث أو مباراة أو بطولة، بعيدا عن ما أسميه «حوادث الملاعب» من ضرب وعنف، وسباب وأزمات، وهى القضايا الغالبة الآن للأسف. وكل مقال هو مجرد اجتهاد يحتمل الصواب أو الخطأ، لكنه ما أظن أنه واجب ودور يجب أن أمارسه نحو الرياضة التى مارستها وعشقتها، حتى لو كان فى هذا الدور ما هو مكرر وسبق الحديث فيه، ففى الرياضة لا شىء يختلف عن التعليم والصحة والاقتصاد، والسياسة، والبنية التحتية. وقد تحركت الدولة المصرية فى كل هذا على مدى عشر سنوات، وما فعلناه فيما يتعلق بالمشروعات القومية، فعلته الولايات المتحدة أيام أزمتها الاقتصادية التى مرت بها أو ما عرف بالكساد الكبير من أغسطس 1929 إلى يونيو 1938، أى ما يقرب من 10 سنوات، وقد بدأ الاقتصاد فى الانكماش فى أغسطس 1929 قبل أشهر من انهيار سوق الأسهم فى أكتوبر من ذلك العام. ثم بدأ الاقتصاد ينمو مرة أخرى فى عام 1938.. لكن فى كرة القدم مازال حديث الساعة والدقيقة هو حديث القرن العشرين!
** يفتح الباب اليوم أزمة «دورى المحترفين» أو ما يسمى الممتاز ب أو «درجة ثانية تكييف»، فى تسمية وهمية للمساواة بين الممتاز (أ ) وبين الدرجة الثانية.
** بوضوح هذا اختيار حتمى، وطالبنا منذ سنوات بأن نوقف تنظيم دورى الدرجة الثانية بطريقة «إرضاء الجميع» واستخدام خطاب مضحك ليس له مثيل، بأنه من الضرورى تمثيل كل مناطق مصر فى منافسات كرة القدم، واخترعنا التوزيع الجغرافى، وبكينا على نفقات السفر، وعلى نقص الموارد المادية، وكان ذلك اختيارا اشتراكيا بلغة السياسة، وإفلاسا بلغة الرياضة، وبلغة السياسة أيضا، من واقع شواهد التاريخ. وعلى الرغم من المطالبة بدورى المحترفين للدرجة الثانية، فقد كان رأينا واضحا، وهو أنه لا يمكن تطبيق هذا النظام بقرار دون منح جميع الأندية التى تلعب فى هذا الدورى فرصة الاستعداد لهذا التغيير لمسابقة قائمة بنفس الأسلوب الجغرافى الاشتراكى منذ عشرات السنين، وكان الأفضل منح هذه الأندية الفرصة بإقرار دورى المحترفين بعد خمس سنوات أو ثلاث سنوات، فيكون القرار بدءا من موسم 2026 / 2027 على سبيل المثال.
** الذى أعرفه أن الدورى الممتاز «درجة أولى تكييف» جميع عناصره من المحترفين، لكنه لا يمت بصلة لدورى المحترفين، وما زالت هناك أندية لم تؤسس شركات كرة القدم، وأندية اسست شركات كرة قدم، لكنها لم تمارس عملها، وما زلنا لم نقر قانون اللعب المالى النظيف، وما زالت ميزانيات أندية عامة تختلط بالانفاق على كرة القدم، وعلى شراء لاعبين، ومازالت بعض الأندية تحصل على اشتراكات أعضاء يدفعون مبالغ ضخمة للفوز بعضوية النادى من أجل الترويح والنشاط الاجتماعى، وممارسة الأبناء للرياضة، فإذا بكثير من حصيلة الاشتراكات تنفق على فرق كرة القدم وعلى لاعبيها ومدربيها وإدارييها الذى يتقاضون الملايين، وقد أكون على خطأ، ولا يوجد خلط بين أموال اشتراكات الأعضاء وبين الإنفاق على نشاط كرة القدم. وإذا كان هناك تصحيح فإننا نرحب به. لكن الحقيقة المؤكدة التى نراها يوميا هى أن الدورى الممتاز ليس دورى محترفين، وما زالت مجالس إدارات أندية تهيمن وتسيطر على نشاط اللعبة.. فماذا يمنع من تنظيم دورى محترفين بكل قواعده الرسمية والمطلوبة؟ ماذا يمنع من أن تدار الكرة المصرية كما تدار كرة القدم فى دول عربية مجاورة؟ ماذا يمنع من فرض تأسيس شركات لكرة القدم منفصلة فى إدارتها عن مجالس الإدارة؟ ماذا يمنع من الإسراع فى إجراءات حتمية حتى تنهض تلك الصناعة؟
** هناك عشرات الأسئلة، ولن توجد إجابة واحدة واضحة ومباشرة وصريحة.. وما بدأت به اليوم ليس جديدا، لقد ناقشته منذ عشرين عاما وربما منذ ربع قرن.. ويقول البعض: ألا يوجد عندك جديد؟ وأقول لهؤلاء: «ما هو الأهم الذى يستحق النقاش والحل؟ تنظيم كرة القدم وإعادة بناء كل شىء فى اللعبة أم هذا السؤال المسطح المكرر: هل كانت ضربة جزاء أم ليست ضربة جزاء؟! أو ما رأيك فيما فعله فلان وما فعله فلان؟ كيف أصبحت قضايا الرياضة تافهة لهذه الدرجة؟!