بقلم - حسن المستكاوي
• فى أى مباراة نخسرها نفتش عن السبب فى فريقنا ولا نفهم أسباب قوة الفائز ولا نسأل كيف فاز أو لماذا؟
** هل يستطيع أى لاعب تنس مصرى الفوز على الصربى ديكوفيتش أو الإسبانى نادال؟ هل يمكن أن يفوز بطل مصر وإفريقيا والعرب فى سباق 100 متر عدوا على الجاميكى أوسان بولت؟ هل يمكن لملاكم ما فى الشرق الأوسط أن يهزم الأسطورة محمد على كلاى فى زمنه؟
هل يمكن أن يسبق أفضل سباح مصرى وعربى وإفريقى وأوروبى السباح الأمريكى مايكل فيلبيس فى سباق 200 متر فراشة؟
هل يجوز أن نبرر خسارة مباراة تنس أمام ديكوفيتش بأن «مضربنا سيئ أو الحكم سيئ، أو إرسال لاعبنا ضعيف؟ هل يجوز أن نبرر خسارة سباق 100 متر فى الأوليمبياد بأن انطلاق لاعبنا كان أبطأ من انطلاق بولت؟ هل نبحث فى سبب خسارة ملاكم أمام محمد على؟ هل يجوز ذلك أم نحترم تفوق محمد على كلاى ونحترم أنفسنا ونفهم حقيقة مستوانا؟ هل يعقل أننا فى أى مباراة نخسرها نفتش عن السبب فى فريقنا ولا نفهم أسباب قوة الفائز ولا نبحث فيها وفى كيف فاز ولماذا؟
** سوف تسألنى: «اشمعنى المغرب فى مونديال 2022، واشمعنى الكاميرون ونيجيريا والسنغال وتونس والجزائر وغانا وساحل العاج؟ لماذا يلعبون هم كرة قدم فى المونديال ولا نلعب نحن؟»
** وسوف تسألنى: ما علاقة أسئلتك بهزيمة منتخب مصر أمام كرواتيا؟
** أسئلتى هى الإجابة. وتأتى بعدها الأخطاء التى وقعنا فيها ووقع فيها الجهاز الفنى فى ضوء القائمة المتاحة أمامنا. لكن الأهم هو ما يلى:
فى كرة القدم والرياضة ترتيب ومستويات. ومنتخب كرواتيا الذى لعب أمامنا بنسبة 60 أو 70% من قوته تفوق على منتخب مصر فى كل شىء. ولم نخسر بأربعة أهداف لهدفين بسبب محمد هانى أو خط الدفاع وأخطاء التمركز والذى منه وما لذ وطاب من أسباب تجدها موثقة فى مجلدات الهزائم. لم نخسر بسبب أبو جبل الذى لم يصد الأهداف الأربعة ومن الوارد أن تهز شباك أى حارس. لم نخسر أمام كرواتيا لأن فتوح لم يشارك أو زيزو أو الشحات، أو إمام عاشور.. خسرنا لأن كرواتيا أفضل وأقوى بدنيا وأسرع فى المسافات الطويلة والقصيرة، ومميزون فى الضغط واستخلاص الكرة والهجوم المضاد، ولاعبو كرواتيا ثابتون فى أرض وعلى الأرض، وعندهم لياقة، بينما لياقة لاعبين أقل. معظمهم أقل.
** وانظر ماذا يحدث حين يقطع الكروات الكرة عند منطقتهم. راجع شريط المباراة. ستجدهم يجرون بالكرة جماعيا. بينما خمسة من لاعبى المنتخب غير قادرين على ملاحقتهم بل غير قادرين على الجرى أصلا للعودة لمواقف الدفاع. وانظر كيف أحرزت كراوتيا أهدافها الأربعة، وكيف شكلت كراتها العرضية خطورة على مرمانا. ففى كل هدف ينطلق لاعب بالكرة من الثبات ولحظة الاستلام فى مسافة مترين ويضع مدافعنا فى ظهره، ويفعلون ذلك بتكرار وبسهولة. وتلك مهارة الاسبرنت والسرعة القصوى فى أقل مسافة. ونحن لا نملك تلك السرعة. وهم يتحركون فى عدة اتجاهات وهم يستخلصون الكرة بسرعة، ومن يملك الكرة، مثل مودريتش يجد أمامه مجموعة اختيارات واضحة للتمرير. بينما لاعب خط الوسط فى المنتخب «أفشة أو مروان عطية أو أكرم» لا يستخلص الكرة بسهولة ولا يجد من يمررها له إذا نجح فى استخلاصها. فماذا تسمون ذلك؟ خسرنا لأن مستوانا أقل من مستوى كراوتيا. وخسرنا لأن مهارات لاعبينا عند اللعب فى هذا المستوى تختصر فى عدم القدرة. ولكن هناك أخطاء لم تكن مؤثرة فى النتيجة لكنها دليل على حال كرتنا:
1ــ فاول لمصر فى ملعب كرواتيا. ويقف 3 لاعبين حول الكرة، ويركلها لاعب دون جملة فيها خدعة أو أى شىء ونخسر لاعبين فى الموقف الهجومى بلا مبرر.
2ــ نحن لا نمارس الضغط أمام المنتخبات ذات المستوى الأعلى فرديا وجماعيا. والضغط جزء مهم من مهارات كرة القدم الآن. وبالمناسبة هذا ينطبق أيضا على مستوانا فى الأمم الإفريقية الأخيرة.
3ــ حياة لاعبنا لا علاقة لها بحياة الاحتراف. ولن أزيد.
4ــ فى الشوط الأول كان منتخب كراوتيا يلعب فى مساحات كبيرة بملعبنا. ليس لأن وسط المنتخب لا يدافع جيدا فقط ولكن لأن منتخب كرواتيا هو الذى يصنع تلك المساحات بمهاراته الفردية والجماعية القوة والسرعة واللياقة والصحة والتكتيك.
5ــ (راجع أسئلتى فى المقدمة)
6ــ فى الشوط الثانى طبق حسام حسن فلسفته وقناعته بالدفع بخط الظهر قريبا من خط الوسط ومن خط منتصف الملعب كى يلعب الفريق فى كتلة واحدة ويضيق المساحات أمام كرواتيا. وكانت تلك مغامرة غير دقيقة لأن هناك فارقا بين مواجهة المصرى لأى فريق فى الدورى وبين مواجهة منتخب مصر لكرواتيا. فالكتلة يمكن اختراقها مبكرا بالسرعة. ثم إن الإحساس بفارق المستوى أعاد دفاعنا كله ومعه الوسط إلى شرنقة منطقة الجزاء!
7ــ حمدى فتحى كان اختيارا أفضل فى التغييرات. وفتوح كان يمكن أن يكون اختيارا أفضل فى الظهير الأيسر ولو بمستواه الحالى.
8ــ سوف تعود وتسأل أنت ما هذا الكلام؟ وقد صمدنا أمام هولندا 1990، وفزنا بكاس إفريقيا 3 مرات متتالية، وهزمنا إيطاليا وأحرجنا البرازيل فى كأس القارات 1999. ولكن عليك أن تكمل القصة. لم نلعب أمام أيرلندا وإنجلترا بعد هولندا. ولم نتأهل لنهائيات إفريقيا 3 مرات. وخرجنا من كأس القارات أمام أمريكا على الرغم من أن الخسارة بهدفين كانت تكفى لإكمال الطريق!.
** منتخب المغرب فى مونديال 2022 تصدر المجموعة السادسة على حساب بلجيكا وكندا وكرواتيا وكان يملك فريقا من المحترفين ومدربا دارسا فى فرنسا وهو الركراكى الذى أدار مبارياته بذكاء تكتيكى يتفق مع قدرات لاعبيه ومستويات المنافسين ونجح، وكان تجاوز الفريق لإسبانيا بركلات الترجيح فى دور الـ 16 نقطة فاصلة. فالإسبان استحوذوا بتمرير 1050 تمريرة لكن مدرب المغرب حرم منتخب إسبانيا من دخول منطقته بحائطين دفاعين من خطين على مسافة قريبة من دائرة المنتصف معظم الوقت ولعب بتنظيم دفاعى رائع جمع بين اللياقة والنضال والروح القتالية. وفاز بركلات الترجيح 3/صفر بينما أهدر الإسبان كل ركلاتهم. وهزم المغرب البرتغال 1/صفر فى دور الـ 8 ثم خسر أمام فرنسا فى قبل النهائى صفر /2 وخسر أمام كرواتيا فى مباراة المركز الثالث 2/1. لكن المغرب أيضا خرج من دور الـ 16 لأمم إفريقيا أمام جنوب إفريقيا. وفى المغرب مثل السنغال مشروع. لكن ما فى كرتنا شىء آخر؟!