بقلم - حسن المستكاوي
** كنا نجلس باستاد محمد بن زايد نتابع مباراة السوبر بين الأهلى وبيراميدز. كنا فتحى سند، ومحمد سيف وأنا، والملعب كله قمصان حمراء. وفى مدرج ثالثة يمين المعروف بأنه لجمهور الأهلى لمحنا ثلاثة مشجعين فقط يرتدون فانلات الزمالك. وتمنى كل منا لو أنه قادر على الذهاب إلى المشجعين الثلاثة لإجراء حوار معهم عن وجودهم فى المباراة، وعن علاقتهم بمحيطهم، هذا البحر الأحمر الهادر الذى يهتف ويغنى لفريقه قبل بداية المباراة بساعات. وكانت وجهة نظرنا أن هذا الحوار يمكن أن يكون قصة خبرية تستحق القراءة، وسألت نفسى: «هل نحن جيل قديم؟ أم جيل متجدد؟ هل يهم القارئ قصة هؤلاء الثلاثة الذين يجلسون وسط البحر الأحمر بفانلات الزمالك وقد حضروا للاستمتاع بمباراة كرة قدم؟
** كنا نحن الثلاثة أبناء جيل قديم من مهنة الصحافة التى عشقناها نرفض هذا الهتاف الجماعى الموجه ضد رمضان صبحى، نجم الأهلى السابق الذى انتقل إلى بيراميدز. ونرى أن الهتاف الجماعى المسىء ليس إنسانيا، وهومرفوض ضد أى لاعب. وكنت بالمناسبة، عبرت عن رفضى للإساءة التى وجهت إلى شيكابالا وإلى كهربا، وإلى أى لاعب، فهذا الرفض ليس له علاقة بلون فانلة أو علم. لماذا لا يتصالح جمهور الأهلى مع رمضان صبحى؟ لماذا لايراه الأخ الاصغر له؟ لماذا لا ينسى ذلة لسان قالها يوم انتقاله بأنه يرحل بحثا عن الطموح؟ علما بأن وجهة نظرى من اليوم بأن من حق رمضان أن يختار إلى أين يتجه وأن يتحمل مسئولية قراره والأمر نفسه كان بالنسبة لعبدالله السعيد، وأحمد فتحى تماما كما قبل جمهور الأهلى أو الزمالك انتقال نجوم من صفوف كليهما إلى صفوف الآخر، أو انتقال نجوم من أندية الإسماعيلى والمحلة والاتحاد والأوليمبى إلى الأهلى أو الزمالك؟ ثم الحياة اختيارات، وكل من انتقد رمضان صبحى عليه أن يسأل نفسه: ماذا تفعل لو تلقيت عرضا ماديا مغريا من شركة منافسة للشركة التى تعمل بها؟ سوف تقبل العرض غالبا، وربما يرفض البعض، لأن قيمة النجاح فى مكان عنده أعلى وأهم من قيمة المال.
** عند نهاية المباراة سقط محمود متولى مغشيا عليه. توترنا جميعا قلقا وخوفا عليه، وكان مشهد لاعبى الفريقين وهم يهرولون ويطالبون بالإسعاف والأطباء، وسط هتافات الجمهور: إسعاف.. إسعاف. كان مشهدا إنسانيا رائعا. فجأة نسى الجميع الصراع الذى كان دائرا فى ميدان كرة القدم، هرول على جبر وأحمد الشناوى إلى متولى، الذى أحاط به كل زملاؤه. مع الأطباء. وكنا نحن الثلاثة، فتحى سند ومحمد سيف وأنا نرى أن أهم خبر فى المباراة هو ما يجرى لمحمود متولى وما جرى وأسباب ما جرى وحالته الصحية؟ وفى تلك اللحظات المرعبة المشحونة بالقلق اتصلت من هاتفى وأنا فى المدرج بالدكتور مصطفى المنيرى رئيس الجهاز الطبى فى بيراميدز وهو جارى وطبيبى وصديقى أيضا كى أطمئن على محمود متولى. ولم يرد دكتور مصطفى على اتصالى، لانشغاله بالموقف. لكن بعد الاطمئنان على متولى دار بيننا حوار طويل حول ما جرى لمحمود متولى ولماذا جرى وكيف أن هناك حالات مماثلة وقعت من فترة لبعض لاعبى الدورى.
** انتهت المباراة بفوز الأهلى بكأس السوبر للمرة الثالثة عشرة، ولوكنت أكتب مقالا بعد المباراة مباشرة لكان الخبر الأول هو ما جرى لمحمود متولى ولماذا جرى وكيف تم إنقاذه.. فالخبر الإنسانى هو الأهم، والخبر الذى شد كل الناس بالمدرجات وأمام الشاشات هو الخبر الأول، لمن يملك الحس الصحفى والشعور الإنسانى..
** ألف سلامة على محمود متولى.. وألف سلامة لكل لاعب يصاب أو يتعرض لأى خطر فى ميدان الرياضة والبهجة والمتعة والمنافسة الشريفة..