بقلم - حسن المستكاوي
** منتخب المغرب فى كأس العالم بقطر 2022. لعب فى المجموعة السادسة وتصدرها بسبع نقاط، وتعادل مع كرواتيا سلبيا، وهزم بلجيكا 2/صفر، ثم كندا 2/1. وفى دور الستة عشر هزم منتخب المغرب إسبانيا بركلات الترجيح، ثم هزم البرتغال 1/صفر فى دور الثمانية، وخسر أمام فرنسا صفر / 2 فى قبل النهائى. وقد اجتمعت الجماهير العربية حول الفريق، وربما تكفى جدا هذه السطور كى تصل إليكم الرسالة التى أريدها، إلا أننى أتوقف أمام مباراة المغرب وإسبانيا، ففيها درس بليغ «للتنابلة» أصحاب تعبير: «المهم النقط وليس الأداء»، ونعم هناك مباريات يكون الفوز فيها أهم من الأداء، لكن أى أداء هو؟!
** لم أقل أبدا لمنتخب مصر العب أمام ألمانيا وإنجلترا وإسبانيا والبرتغال وهولندا مهاجما، ومسيطرا، فهو لا يستطيع، ولكن ما أنتقده هو بناء خندق أمام منطقة الجزاء كأنها منطقة الحدود أو منطقة فاصلة بين الجيوش فى الحرب العالمية الأولى. فهكذا يدافع المنتخب فى بعض مبارياته المهمة والفاصلة فى البطولات الكبرى، بل إنه فعلها أمام بوركينا فاسو فى كأس الأمم الأفريقية وفعلها أمام الفرق التى واجهها بالبطولة، وتأهل للمباراة النهائية، وكان واردا له الفوز أيضا، ومع ذلك هذا أداء لا يليق بمنتخب مصر فى بطولة أفريقيا!.
** نعم.. ولذلك أعود إلى مباراة المغرب وإسبانيا التى امتلكت الكرة 120 دقيقة، ومررت 1050 تمريرة، وعجزت عن اختراق دفاع المغرب وتسجيل هدف؛ لأن تكتيك المغرب الدفاعى كان مبتكرا ورائعا، إذ تقدم الفريق إلى منتصف الملعب معظم المباراة ومارس الضغط الشرس، وحرم الإسبان من دخول حدود منطقته، وكان ذلك شكلا من أشكال «أداء الضرورة».. وهو تعبير يقترب من تعبير «حرب الضرورة»!.
** للأسف هناك خطاب لابد من تغييره. ومنه هؤلاء الذين يصدرون للشباب وللجمهور أن الانكماش والتراجع وسيلة من وسائل الفوز والانتصار. هذا غير صحيح. بل هذا خطر كبير على العقل. وللأسف مرة أخرى وثالثة وعاشرة، لا شىء يتغير من سنين. نفس الجمل ونفس الكلام القديم، دون إدراك أننا أمام جيل يعيش عصره، ويتصل بالعالم، ولا تسجنه أسوار عن الرؤية والمعرفة، بسبب التطور والتكنولوجيا!.
** إن جملة «المهم النقط وليس الأداء» هى قمة التبرير للتقصير والبلادة وتعكس كيف نفهم نشاط كرة القدم.. وهنا نرى تبريرا دائما وجاهزا وعملاقا للتخاذل ولممارسة كرة القدم، ولو سار هذا المنطق فى الخارج لما تابع أحد الدوريات الأوروبية ثم إن القاعدة والأصل أن الفرق الكبيرة فى العالم تلعب وتمتع وتفوز بالنقاط وحتى الفرق المحلية الكبيرة وفى مقدمتها الأهلى والزمالك، فهى تلعب وتهاجم وتسيطر وتفوز وإلا ما جمعت هذه الفرق بطولات؟!
** ما زلنا حتى اليوم نردد جملا وكلمات، ولا نفكر فى مضمونها. ومن تلك «جملة شعور الفريق بالإرهاق».. والذين يرددون تلك الجملة يفعلون ذلك فى بداية الموسم، وفى وسط الموسم، وفى نهاية الموسم، ولو أن نفس الفريق حقق فوزا كبيرا فى نفس المباراة، فلا أحد يتحدث عن نفس الإرهاق، أو عن أسبابه؛ لأنه لا يوجد إرهاق أصلا!.
** جملة أخرى يرددها المدربون والصحفيون والإعلاميون: فوز بطعم الخسارة، أو تعادل بطعم الفوز، أو فوز بلا طعم. وليتكم تضيفون فوز بالكاتشب والمسطردة.. فكيف يكون للتعادل طعم الفوز؟ وكيف يكون الفوز له مذاق الخسارة؟ صحيح أن التعادل يمكن أن يساوى انتصارا مع البرازيل وألمانيا وفرنسا، ولكن أن يكون التعادل مع بوتان أو مونتسيرات أو جزر الأنتيل الهولندية بطعم الفوز فتلك مهزلة (لم أذكر أسماء فرق فى الدورى لأنهم يغضبون.. هكذا هى الفرق العظمى)؟!
** «المدرب طالب لاعبيه بالفوز».. جملة فكاهية أخرى تتكرر قبل كل مباراة، فماذا يطلب مدرب من لاعبيه قبل مباراة كرة قدم؟! لكن بجانب تلك الجملة هناك جملة تلقى فى إطار رؤية تحليلية يفترض أنها عميقة، وذلك عندما يكون فريق مهزوما بثلاثة أهداف نظيفة، فيجرى المدرب المهزوم تغييرات فى نهاية المباراة أو قبل أن ترحل المباراة، ويدفع بلاعبين مهاجمين.. فيقال: «هذا تغيير هجومى بأمل تحسين النتيجة».
وأسأل نفسى: وهل سيدفع مدرب مهزوم بمدافعين؟!