بقلم - حسن المستكاوي
** فى تاريخ التحكيم قرارات تاريخية لبعض الحكام، أو «هؤلاء الرجال الذين تحب أن تكرههم» حسب تعبير إنجليزى قديم، وهذه القرارات غيرت نتائج مباريات، ومنحت بطولات لفرق، وسلبتها من فرق، وقديما قبل تقنية الفيديو كان الحكم له عذره لأن قراره يصدر فى غمضة عين، لكن ماذا عن قرارات حكام فى ظل تقنية مساعدة؟ صحيح أن الحكم لا يمكن أن يرضى الجميع، فهو قد يصيب، وقد يخطئ، ومن ضمن القرارات التى أثارت جدلا واسعا قرار احتساب هدف مانشستر يونايتد فى مرمى مانشستر سيتى. ولم يعد الموضوع هو نقد الحكام وقراراتهم، ولا نقد الفار وغرفته ومن يجلسون بتلك الغرفة. وإنما النقد الآن وصل إلى نصوص قانون كرة القدم، وإلى نص قانون التسلل الجديد فى اللعبة، ووصف بأنه قانون أحمق، وهراء.
** دعونا نعود إلى نهائى مونديال 1966 فى لندن باستاد ويمبلى، حيث امتدت المباراة بين انجلترا وألمانيا وقتا إضافيا، بعد أن تعادلتا فى الوقت الأصلى (2/2)، وبعد عشر دقائق سدد هيرست قذيفة ارتدت بسرعة خارقة إلى خط المرمى، ثم إلى الملعب، وقفز لاعبو انجلترا فى الهواء فرحا، وعلا زئير ويمبلى المعتاد، وفى اللحظة الخاطفة بدا الحكم السويسرى جوتفرايد دينست، غير واثق مما إذا كانت الكرة تخطت الخط بأكملها، فتردد فى احتساب الهدف، وجرى إلى مراقب الخط توفيق باخراموف، وتبادل معه الاشارات، ثم احتسب الكرة هدفا. وكان هذا عمله، فهو الرجل الوحيد فى العالم الذى لا يستطيع أن يقول: «لا أعرف «فى لحظة القرار، وكان ذلك قبل تقنية الفيديو المساعد...
** هدف يونايتد المشكلة بدأ من وسط الملعب بتمريرة كاسميرو إلى ماركوس راشفورد، الذى كان فى موقف تسلل ولكنه واصل الركض للأمام للحاق بالكرة، ثم توقف سريعا مع اقتراب زميله برونو فرنانديز، الذى ربما حذره من أنه قد يكون متسللا، لذلك ابتعد راشفورد عن الكرة وتركها لفرنانديز الذى وضعها فى شباك مانشستر سيتى... فهل يُحتسب هدفا أم يُلغى بداعى التسلل؟
** قال بيب جوارديولا: «راشفورد كان تسللا، برونو فرنانديز لم يكن فى موقف التسلل. سواء اعتبر راشفورد متداخلا أم لا فهو فهو بالتأكيد شتت، انتباه حارسنا ومدافعينا المركزيين.
** وقال الصحفى جوناثان ويلسون فى الجارديان: «كل ما لدينا فى أولد ترافورد كان محادثة قصيرة بين الحكم المساعد دارين كان وستيوارت أتويل. كان كل شىء تقليديا باحترام. لا استخدام للميكروفونات وسماعات الرأس، ولا اللجوء إلى شاشة الفار. شاهدنا فقط رجلين فى منتصف العمر يبدوان قلقين ويتحدثان من وراء أيديهما، ورأساهما يهتزان، إنها لحظة قد تكون حاسمة ــ فى السباق على اللقب هذا الموسم، ولحظة حاسمة فى تاريخ مانشستر يونايتد ومانشستر سيتى. بموجب القانون بصيغته الحالية، قد يكون هذا هو القرار الصحيح، لكن قانون التسلل الحديث فوضى. هل رأى الحكم راشفورد متداخلا وفى حالة تسلل أم لا؟ من خلال تفسير التدخل على أنه لمس الكرة، لكن هذا لا يعنى أنه صحيح. لعب راشفورد بشكل أساسى دور الدمية وصحيح أنه لم يلمس الكرة، لكن ألم يتدخل فى اللعبة؟ ألم يمنع وجوده المدافع الأول من العودة ومحاولة تشتيت الكرة؟ وما الذى تعنيه كلمة «التدخل» فى اللعبة بالضبط؟
** لم يتوقف الجدل فى الصحف الإنجليزية وفى أوساط اللعبة حول هدف يونايتد الأول. فى مرمى مانشستر سيتى. وانقسم الرأى العام ورأى الخبراء بشأنه، فهل كان راشفورد متداخلا أو متسللا. وهل الخطأ من الحكم أم أن قراره صحيح أم أن الخلل فى قانون التسلل الجديد لدرجة أنه وصف بأنه قانون عبثى؟. رئيس لجنة الحكام الأسبق بالاتحاد الإنجليزى كيث هاكيت علق قائلا: «القانون هراء وأحمق لأن راشفورد تداخل فى اللعبة وأثر على المدافعين وحارس المرمى. واحتساب هذا الهدف يعنى إعادة صياغة قانون كرة القدم.
** إن نقد الحكم قد يكون مقبولا بشأن شخصيته، وفى بعض قراراته. لكن التشكيك فى نزاهة الحكم كل حكم بات أمرا غير مقبول على الإطلاق. وليدرك الجميع أن أخطاء التحكيم حقيقة ثابتة أما المساس بالضمير فهو ليس حقا لأى أحد.