بقلم - حسن المستكاوي
** أثناء بطولات كأس العالم لكرة القدم، تتابع لجنة فنية من أكبر المدربين والمحللين المنافسات، وعقب البطولة تكتب اللجنة دراسة فنية علمية. ومنذ سنوات طويلة، طرحت قضية القياسات وأهميتها بالنسبة للاعبين وللمدربين، فكم كيلومترا يجرى اللاعب؟ ومن يجرى أكثر من الآخر وهل الأمر يرتبط بالمراكز والواجبات؟ وما هى الأوزان والأطوال المثالية للاعبين؟
** وفى كأس العالم 2022 فى قطر لفت النظر إلى أن مسألة معدلات جرى اللاعب لمسافات طويلة خلال المباراة، يمكن أن يتقدم عليها السرعات القصوى للاعبين فى المسافات القصيرة، والمدهش أن ذلك كان من ضمن معايير اللاعب المثالية فى بعض المراكز فى بطولة كأس العالم عام 2002 بكوريا واليابان، أى قبل عشرين سنة، والآن هناك صيحة فنية جديدة طرحت، وهى خاصة بمركز الظهير فهل يعود الجناح الصريح لتخفيف العبء على الظهير الذى أصبح جناحا أو ظهيرا مهاجما يقطع مسافات طولية كبيرة؟
** نعم كرة القدم تغيرت منذ سنوات، وتتغير كل فترة، وكل شىء فيها بالعلم والحساب.
** وحسب ما جاء فى تقرير لوكالة رويترز أثناء بطولة كأس العالم عام 2002 فى كوريا واليابان فإن حارس المرمى يجب أن يتمتع بخفة الحركة، وسرعة رد الفعل وأن يكون طويل القامة. وطوله المثالى 188 سم ووزنه 88 كجم وأن لاعب الوسط يجرى بمعدلات أكبر من لاعبى الدفاع والهجوم، فهو يقطع مسافة 10 كيلومترات فى المتوسط فى المباراة الواحدة، وخط الوسط هو المسئول عن ربط الفريق وخطوطه، وتحديد اتجاهات هجوم فريقه، وسرعة استخلاص الكرة من المنافس، كما بات الوسط من مصادر الخطر. ومتوسط الطول والوزن المثالى للاعب هذا الخط هو 179 سم و74 كيلوجراما.
** وفى تلك البطولة وفى هذا الوقت قبل 20 سنة، كان يلاحظ أن صانع الألعاب هو لاعب صاحب مهارة فائقة عنده القدرة على رؤية الملعب. ولاعب هذا المركز فى أمريكا اللاتينية يكون أقصر من نظيره الأوروبى، وأثقل منه وزنا، حيث يعتمد الأوروبيون على اللياقة البدنية العالية، ومتوسط طول ووزن هذا اللاعب عامة فى أمريكا الجنوبية 178 سم ووزنه 77 كجم. أما الظهير فهو يجرى فى المتوسط 65 كجم ويجب أن يتمتع بالرشاقة والسرعة. ومن المواصفات المطلبة فى الظهير أن يكون الساقان أطول من جذعه مع قلة الدهون فى الجسم ومتوسط طول ووزن هذا اللاعب 169 سم و72 كجم.
** أما قلب الدفاع فطوله المثالى 187 سم ووزنه 84 كجم، ويجب أن يتميز بقطع المسافات القصيرة بسرعة عالية (سبرنت). ومواصفات المهاجم تختلف فهو سريع الانطلاق ومهاراته عالية ويجيد التحكم فى الكرة فضلا عن القوة التحمل وطوله المثالى 185 سم ووزنه 82 كجم.
** لكن ماذا عن حارس المرمى؟ هل يجرى بمعدلات معروفة؟
«أن كل من لعب كرة القدم فى الشارع وهو طفل يدرك أن حارس المرمى هو أقل لاعب فى الفريق من حيث اللياقة والخفة لأنه غير مطالب بالجرى فأين سوف يجرى؟ لكن مجلة بيلد دير فيسينشافت الألمانية فى ذاك الوقت أكدت عدم صحة هذه المعلومة فحارس المرمى يركض بمعدل خمسة كيلومترات فى المباراة الواحدة بالطبع لا يمكن مقارنة هذه المسافة بما يركضه لاعب خط الوسط والتى تبلغ نحو 14 كيلومترا. ولا شك أن معدلات جرى حارس المرمى اليوم أكثر من الرقم الذى كان فى بداية الألفية، فهو يلعب دور الليبرو أيضا.
** قدر اهتمامى بإبداع اللاعب ودوره مع فريقه، فإن تلك الأرقام لها أهميتها بالقطع، وتفيد المدربين والمتخصصين. ولا أطالب الآن بإجراء مثل تلك القياسات والدراسات ونشرها على عناصر اللعبة وعلى المدربين، فمن جهة من سيقوم بالدراسة أى جهة. وكيف؟ لكن ما أطالب به أن يقرأ كل مدرب وكل من يمارس عملا ما فى صناعة كرة القدم بقراءة مثل تلك الدراسات، ولو من باب العلم بالشىء، مع أنها ليست مجرد شىء، وإنما هى كل الأشياء فنيا!.