بقلم - حسن المستكاوي
** المدربون الأجانب ولاسيما أصحاب الجنسية البرتغالية يتمتعون بثقافة عالية، ويقولون كلاما مهما عندما يتحدثون، وهكذا كان مانويل جوزيه وهكذا كان كيروش الذى تحدث منذ أيام فى حوار مع موقع الاتحاد القطرى لكرة القدم، عن توليه مهمة تدريب منتخب قطر. وتقدير كيروش كمدرب عالمى كبير وكمدرب مثقف ومستنير، يختلف عن تقييم تجربة كيروش مع منتخب مصر، فعلى سبيل المثال يظل الفارق بينه وبين روى فيتوريا مدرب المنتخب الحالى هو فى رؤية قدرات لاعبى المنتخب المصرى، وهل هم قادرون على ممارسة اللعبة بشكل دفاعى فقط أم بشكل دفاعى وهجومى. وفى حدود التجارب القليلة لروى فيتوريا فإنه من الواضح يحرر لاعبى مصر بصورة أكبر من كيروش. وأكرر أن التقييم هنا يقتصر على تجربة الرجلين مع فريقنا الوطنى مع فارق عدد مباريات كيروش مقارنة بعدد مباريات فيتوريا.
** فى مؤتمره الصحفى بالدوحة قال كيروش: « أبدأ فى خوض تحد جديد، وهذا التحدى يمثل بالنسبة لى إشادة بالامتنان لكل ما قدمته لى كرة القدم خلال مسيرتى، وهنا أشير إلى التجارب الإنسانية والاجتماعية والثقافية الفريدة التى عايشتها ومررت من خلالها. وأستطيع أن أقول، بفضل كرة القدم، أنا الآن شخص عاش الحياة واختبر العالم بشكل كبير».
** وفى حوار كيروش ما أظن أنه مهم لمدربينا جميعا، ولمن يقرأ منهم ويتابع كلام خبراء ومدربين كبار. فقد تحدث كيروش عن تطور كرة القدم وقال: «أدى تطور التدريب إلى عودة اللعبة إلى محتوى ومنهجية التدريب، بعد تعزيز المفاهيم والأساليب، والأساسيات الفنية والتكتيكية والبدنية والعقلية للاعب لتتوافق مع كرة القدم المعاصرة. وأعتقد أن التحدى الكبير اليوم هو «الدماغ» وكل ما يتعلق بتدريب اللاعب على صنع القرار، من مستوى الشباب إلى المنافسة العالية الاحترافية».
** هل نتعامل مع تدريب الناشئين بهذا المنطق؟ هل نضع مسئولية الصعود بكرة الناشئين على أكتاف مدربين مؤهلين ودارسين ويملكون شخصية وثقافة قادرة على مواجهة الواسطة والمحسوبية ودخلات أولياء الأمور فى الأندية !
** أترك الإجابة لمن يعرفها الآن. وقد تحدث كيروش عن صناعة كرة القدم، والواقع أيضا أن المال لا يكفى وحده لبناء صناعة ذات جودة فنية، وإلا لكانت الصين الآن قوة كبيرة فى كرة القدم بما أنفقته، وتلك قصة أخرى. إلا أن المدرب البرتغالى تحدث عن آثار أخلاقيات كرة القدم الأصلية، ورومانسيتها، ولاحظ كيف يرى تلك الأخلاقيات أثرا مازال موجودا، لكن اللعبة تأثرت بعقلية البيزنس فهو الفائز والمنتصر فى النهاية، حسب تعبير كيروش، بينما فى الأصل من المفترض أن تنشئ المسابقات أولا ثم تنسب المكاسب المالية والمزايا إلى الأبطال. اليوم يتم إنشاء المكاسب المالية وحسابها، ثم ننشئ المسابقات».
** لاحظ مرة أخرى كيف يرى كيروش كرة القدم، وكيف يراها من المنظور الإجتماعى والثقافى والإنسانى، فقد أتاحت ممارسته لمهنة التدريب الاحتكاك بثقافات أوروبية وعربية وإفريقية وآسيوية ولاتينية. وهذا فى الواقع شأن العديد من المدربين الأجانب الذين يجوبون القارات فى تجارب مع فرق مختلفة ومع شعوب مختلفة الثقافات.
** الثقافة ضرورة لمن يخاطبون الرأى العام، وكما قال الفرنسيون فى تعريفهم للثقافة: إنها إسلوب حياة. فكيف تتكلم وكيف تفكر وماذا تقرأ وماذا تأكل وكيف تأكل وكيف تختلف وماذا تلعب وكيف تلعب. ولأن المدرب والإدارى ورئيس النادى، والصحفى والإعلامى يخاطبون قاعدة عريضة وضخمة من الرأى العام تهتم بالرياضة وبكرة القدم، ومسئولية مخاطبة هؤلاء كبيرة جدا جدا..