بقلم - حسن المستكاوي
** أعتقد أن جريدة الإيكيب الرياضية الفرنسية هى التى بدأت بتقييم أداء اللاعبين أو منحهم درجات فى مباريات كرة القدم، وربما يكون ذلك قبل 70 عاما. والجريدة تأسست عام 1896، ونافست الصحف الفرنسية اليومية الأخرى التى تعنى بالشأن السياسى والاجتماعى، وكانت الإيكيب قد حققت أعلى رقم توزيع فى 13 يوليو 1998 عقب فوز فرنسا بكأس العالم، حيث باعت مليونا و645 ألفا و907 نسخ (لاحظ دقة الرقم)!
** بدأ الأستاذ نجيب المستكاوى تقييم اللاعبين ومنحهم الدرجات فى نهاية الخمسينيات من القرن الماضى، على ما أذكر، وذلك على سبيل الجذب لقراءة وصف المباريات وصفحة الرياضة فى الأهرام التى كانت تخصص لها الجريدة مساحة صغيرة، وفى حقبة الثمانينيات عندما انتقلت للعمل فى الأهرام ثم فى الشروق مارست هذا التقليد. وكما شرح الأستاذ نجيب المستكاوى معايير الدرجات التى يمنحها شرحت أيضا المعايير. وهى بالمناسبة مسألة مرتبطة بتطور مهام ومهارات كرة القدم.
** Whoscored من أشهر مواقع تقييم اللاعبين، وهناك مواقع أخرى بالطبع كما أن الصحف الرياضية الإنجليزية التى أتابعها تمنح درجات للاعبين، ومن النادر أن يحصل لاعب على الدرجة النهائية عشرة من عشرة، كما لم يحصل لاعب أبدا فى أى صحيفة إنجليزية من خلال المتابعة المستمرة على درجة صفر من عشرة. لكن الاستاذ نجيب المستكاوى منح بعض اللاعبين الدرجة النهائية ومنح الكثير منهم درجة صفر من عشرة، ومن أشهر مداعباته ودرجاته أنه منح يوما لاعب الأهلى «عوضين صفرين»، لسوء الأداء، وشرح الدرجة قائلا: «كل عوض صفر».!
** هناك أجيال لا تعرف قصة درجات اللاعبين، ومنهم من تساءل عن المعايير التى توضع بها درجات اللاعبين والمدربين. ومع تطور اللعبة والتكنولوجيا يستخدم الكمبيوتر تحليل أداء اللاعبين، ويتضمن التحليل عدد التمريرات، وعدد التمريرات الصحيحة، والأهداف، واللياقة والتحرك، والمهام والواجبات الهجومية، وبعض الأرقام تكون خادعة، لأن المهم مثلا فى التمريرة تأثيرها، وأذكر أن إسبانيا فى كأس العالم مررت 1050 تمريرة، لكنها خرجت فى النهاية أمام تكتيك المغرب الدفاعى المتميز والمختلف عن تكتيك الفريق الدفاعى أيضا فى مباريات أخرى، وهناك إحصائيات كثيرة، لتخرج درجات اللاعبين متفاوتة، وتكون على سبيل المثال (6.69 درجة) أو (7.84 درجة). وحين لعب مانشستر سيتى واحدة من أفضل مبارياته فى الموسم المنتهى أمام ريال مدريد فى بطولة أوروبا لم يحصل لاعب فى السيتى على درجة عشرة من عشرة وكانت أعلى الدرجات 9 من عشرة لعدد من اللاعبين. وأذكر هنا بالمناسبة أن النجم المصرى محمد صلاح حصل من قبل على الدرجة النهائية عشرة من عشرة فى بعض المباريات مع ليفربول.
** يظن بعض القراء أو المشاهدين أو الزملاء أن الدرجات التى أمنحها للاعبين هى مسألة هوائية، ويتساءل بعضهم ما هى المعايير؟
** المباراة التى أكون بصدد منح درجات فيها للاعبين أشاهدها على الهواء مباشرة، ثم أكرر مشاهدتها كاملة مرة أخرى، وتمنحنى التكنولوجيا فرصة مراجعة أهداف، ألعاب، وتحركات اللاعبين والأخطاء التى يقعون فيها. وتتضمن المعايير ما يلى:
1ــ دور اللاعب وتأثيره على أداء فريقه.
2ــ دوره المركب إذا كان مهاجما فكيف يدافع وإذا كان مدافعا فكيف يهاجم. وعلاقة ذلك بواجبات مركزه والمهام الجديدة فى كرة القدم الآن لتلك المهام.
3ــ أهمية المباراة، وقيمة نتيجتها، وقوة المنافس، فالدرجة تختلف بين مواجهة فريق ضعيف ومواجهة فريق من فرق القمة المحلية أو الإفريقية مثلا.
4ــ تكتيك المدرب وكيف نراه ومدى تنفيذ اللاعبين لهذا التكتيك. وفى درجة المدرب يجب مراعاة اختياره للتكتيك والأسلوب والطريقة وفقا للهدف من المباراة وكيف يديرها ومتى يجرى تغييراته وكيف يسيطر على أداء اللاعبين أثناء المباراة.
5ــ الأهداف ودرجات الإبداع والمهارة فى تسجيلها، وتوقيت تلك الأهداف فى المباراة. وكذلك الأخطاء وتوقيت تلك الأخطاء ومدى تأثيرها على نتيجة الفريق فى المباراة. فقد يقع حارس مرمى فى أخطاء جسيمة فى بداية مباراة ويتسبب فى إصابة مرماه بهدفين مثلا، ثم يتصدى للعبة صعبة. لكن هذا لا يعفيه من الصفر أو الدرجة المتواضعة.
6ــ تحركات اللاعب، وجهده البدنى، وكيفية تسليم الكرة وتمريرها لزملائه، وكيف يساعد زميله بالتحرك الفورى فى المساحة، كيف يتناغم هذا التحرك والتمرير مع الأداء الجماعى. ومن المهم الابتكار والإبداع، والفوز بصيحات الإعجاب من الجمهور. فليس كل لاعب هداف يستحق الدرجة العالية وإنما أدقق دائما فى قدر الإبداع والمهارة وحسن التصرف، وإنكار الذات من أجل الفريق..
** اختصارا لا تمنح الدرجات بالهوى، ولا بالصداقة، ولا بالنادى، ولا بدون وجه حق، أو دون رأفة، وبقسوة، ولا تنثر الدرجات وتوزع بلا حساب.. والأمر كله اجتهاد صادق يحتمل الصواب والخطأ، وهو اجتهاد ليس فيه «عصا أمسك بها من الوسط» وليس فيها حسابات خاصة أو حساب لرد فعل الجمهور.