بقلم - حسن المستكاوي
** كان ذلك مضمون تقرير لقناة أبو ظبى الرياضية فى تغطيتها لمباراة السوبر الرابعة بين الأهلى والزمالك فى مدينة العين بالإمارات... وطرح السؤال على مجموعة من جماهير الناديين، وتراوحت الإجابات بين «نعم استنكارية».. «مستحيل واقعية».. «ويا ريت كأمنية». وكان التقرير خفيفا، يبدو مثل الفانتازيا، بما فيها من وهم أو خيال..
** لكن ماذا يحدث بالفعل لو لم يكن هناك أهلى وزمالك فى الكرة المصرية؟
** لو اختفى الأهلى والزمالك لكان هناك فريقان مثلهما، يجسدان ظاهرة القطبية، وهى ظاهرة كونية على أى حال، فالناس يحبون فكرة الصراع بين طرفين على نفس القدر من القوة، كما هو الحال فى الدراما بما فيها أيضا من خيال. لكن الأهلى والزمالك فرضا وجودهما كظاهرة كروية ورياضية وسياسية منذ تأسيس الناديين، ففى فترات البداية كانا هما طرفا الصراع الحقيقى والأقوى فى ملاعب الكرة المصرية.
** والواقع أن مواجهات الفريقين معا أسفرت عن نتائج متقاربة فى الأربعين عاما الأولى من عمريهما، إذ كانت مسابقة كأس السلطان حسين أولى بطولات الكرة المصرية وبدأت عام 1916 والتقى الأهلى والزمالك فيها 6 مرات وفاز الزمالك 3 مرات وتعادلا مرتين وفاز الأهلى مرة واحدة. وفى الفترة من 1927 إلى 1948 التقى الأهلى والزمالك فى كأس مصر 15 مرة وفاز الأهلى 6 مرات وفاز الزمالك فى 6 مرات وتعادلا 3 مرات.. وفى دورى منطقة القاهرة فى الفترة من 1922 إلى 1938 فاز الأهلى باللقب 15 مرة وفاز الزمالك باللقب 14 مرة..
** والأهلى والزمالك ظاهرة عربية وعالمية، وقد تفاوتت حدتها من بلد إلى بلد، ومن مدينة إلى مدينة. ففى السعودية هناك النصر والهلال، وهما كبيرا العاصمة الرياض، لكن فى جدة نجد منافسة تقليدية بين الاتحاد والأهلى. وفى المنطقة الشرقية الاتفاق والشباب. وعن طبيعة وشدة المنافسة بين الهلال والنصر رويت لى هذه الرواية: «عندما قرر نادى النصر انشاء مسجد فى مقره، واجهت ادارة النادى مشكلة، وهى كيف يوضع الهلال على رأس مئذنة المسجد؟!.. وكان الحل ان يستبدل هلال المئذنة بلفظ الجلالة الله. وقد وجد النصراويون انه من الصعب أن يكون هناك أى هلال من أى نوع داخل مقر النادى!
** والقطبية الرياضية، أو ظاهرة الأهلى والزمالك موجودة فى كل بقاع الأرض، وقد كتب ذات مرة الصحفى السياسى الكبير صلاح حافظ ورئيس تحرير رزواليوسف عن الأهلى والزمالك مقالا مطولا وقال فيه: «جماهير الكرة فى مصر وفى خارج مصر تميل دائما إلى اقتصار المنافسة بين قطبين، وتكره أن تكون بين أقطاب متعددة، وليست هذه حقيقة مصرية وانما عالمية ــ فى جميع صورها ــ لا يبلغ قمة الاثارة الا عندما يكون بين طرفين. ويحدث ذلك فى مباريات الملاكمة أيضا، أو التنس، فسحر المباريات يكمن فى أنها تجرى بين طرفين لا بين أطراف متعددة.
** إذن دراما الأهلى والزمالك من صنع الجمهور. لا من صنع الناديين. هؤلاء المتفرجون لا يلعبون اصلا، ولكنهم يدفعون لكى يلعب الأهلى والزمالك وهم جالسون، ولكى يتهيأ لهم مناسبة ساخنة يلهثون فيها دون ان يتحركوا.
** الأهلى والزمالك دراما من صنع المتفرجين، فهم الذين يستمتعون بها، وهم الذين يختارون القطبين المتصارعين فيها، لو لم يكن هناك أهلى وزمالك لاخترع الناس طرفين على نفس القدر من القوة كى يصبحا ظاهرة تجسد القطبية، وهى ظاهرة كونية لمن يفكر ولمن يتأمل..!