بقلم - حسن المستكاوي
** فى عام 2003 اختار بيليه المكان الذى سوف يدفن فيه، حيث اشترى ضريحه فى مقبرة توصف أنها أطول مقبرة فى العالم، وفقا لسجلات موسوعة جينيس الشهيرة. وقال بيليه فى حينه: «أحب المكان لأنه لا يشبه المقبرة وأنه يمنحنى شعورًا بالسلام والهدوء الروحيين».
** تقع المقبرة فى سانتوس، المدينة الساحلية الجنوبية الشرقية حيث لعب «الملك» معظم حياته، وتبلغ مساحة المقبرة 40 ألف متر مربع وتضم مطعمًا مفتوحًا على مدار الساعة ومصليا ومطعمًا. ومتحف للسيارات وبركة أسماك صغيرة وطيور. ويقع ضريح بيليه الذى تبلغ مساحته 200 متر مربع فى الطابق الأول، وهو مزين على هيئة ملعب كرة قدم، حيث يستريح جسده فى تابوت معروض فى وسط العشب الصناعى، وتحيط به صور مذهبة من أيام مجده، وتم تصميم المبنى من قبل رجل الأعمال الأرجنتينى الراحل خوسيه سالومون ألتستوت، الذى بدأ المشروع فى عام 1983. وتم افتتاحها رسميًا فى عام 1991، وأصبحت أول مقبرة عمودية فى العالم.
** ويقول الموقع الخاص بالمقبرة المعروفة باسم «ميموريال نيكروبول إيكومينيكا» إنه يُسمح للعملاء «بإنشاء مساحة مزينة» فى أضرحتهم، والتى يمكن أن تشمل أيضًا مناطق استراحة داخلية للمعزين. وقد دفن والد بيليه، وعمته وشقيقه وابنته بالفعل فى نفس المكان، وكذلك أنطونيو ويلسون هونوريو، الملقب بـ«كوتينيو»، وهو زميله فى فريق سانتوس فى الستينيات. وتقع المقبرة على مرمى حجر من ملعب فيلا بيلميرو فى سانتوس، حيث أذهل بيليه العالم لأول مرة كظاهرة تبلغ من العمر 15 عامًا، وهو فى طريقه لتسجيل رقم قياسى قدره 1281 هدفًا فى مسيرته ليصبح اللاعب الوحيد فى التاريخ الذى يفوز بثلاث بطولات لكأس العالم.
** كان عام 1940 شاهدا على ميلاد واحد من أفضل لاعبى كرة القدم فى التاريخ، إديسون أرانتيس دو ناسيمنتو الشهير ببيليه. ويقال إن اسمه الحقيقى أطلق عليه تيمنا بالمخترع الأمريكى توماس إديسون، مخترع المصباح الكهربائى، وقيل أيضا إن الاسم خليط من اسم ابيه وأمه. ولقب بيليه الشهير، هو واحد من أشهر الألقاب فى تاريخ كرة القدم، وبدأت حكاية بيليه الذى حكى عن لقبه الشهير أنه حين كان يلعب المباريات، كان ينادى عليه زملاؤه ويقولون «بى» وهى بالبرتغالية تعنى ركل الكرة، وحين كان يلعب ارتكب بعض الأخطاء، فبدأ زملاؤه يقولون «بى لى»، وأصبح اللقب بيليه. لكن فى زيارة له للقاهرة سألته ما معنى اسم بيليه، فأجاب لا أعرف. لكن فتاة فى مدرستنا أطلقته على وغضبت، وأود أن أشكرها الآن لأن اللقب سبب شهرتى بكل اللغات.
** كان رد الفعل العالمى على رحيل بيليه عميقا وجارفا فى شتى أنحاء الكوكب، فهو الملك الوحيد فى التاريخ الذى هتف له رئيس الجمهورية يوم فازت البرازيل بكأس العالم عام 1970. وقد كان لاعبا يملك كل المهارات، واختير كأحسن لاعب فى القرن العشرين بواسطة المدربين والخبراء بينما اختير مارادونا بواسطة الجماهير. فهل تجوز المقارنة؟
** عندما عرضت ناشيونال جيوجرافيك حلقات عن كرة القدم وكأس العالم فى عام 2006. كشفت عن لاعب برازيلى عظيم لم ينل حظه من الشهرة فى كتاب اللعبة، وهو أرثر فريدنيخ أو فريدرنيش، المولود فى 18 يوليو عام 1892 من أب ألمانى وأم برازيلية ذات أصول إفريقية. وقد لعب لأول مرة فى فريق جرمانيا بالبرزيل وعمره 17 سنة بعد أن لمس والده موهبته، وكافح أرثر لكى يثبت نفسه، ولكى يحارب صيحات العنصرية، فعندما اختير للانضمام إلى منتخب البرازيل كان هو اللاعب الوحيد الأسود بالفريق.
** سجل أرثر فردنرخ خلال 26 عاما مارس فيها كرة القدم 1329 هدفا، وهو رقم أكبر من الأهداف التى سجلها بيليه وكان أول إنسان يتعدى عدد أهدافه الألف. وعندما توفى أرثر فردنرخ فى سبتمبر 1969 كان بيليه يحتفل بعد ثلاثة أشهر بتسجيل هدفه الألف بالبرازيل..
** لكل زمن نجومه. ولكل نجم مهاراته التى تتواكب مع ظروف زمنه. وحكاية المقارنات بين أزمنة مختلفة ونجوم مختلفة، لعبة صنعها الإعلام وأتقنها.. وبوضوح بيليه كان أسطورة وسوف يظل من عظماء اللعبة فى كتاب التاريخ!