بقلم - حسن المستكاوي
** كان العديد من الشباب داخل صالات عرض فيلم الممر، وفى كثير من المشاهد دقت الأكف بالتصفيق للأبطال المصريين فى معاركهم ضد العدو. وصنع هذا الفيلم توثيقا ذهنيا عن البطولات المصرية فى حرب أكتوبر. نحن فى أشد الحاجة إلى هذا التوثيق، لدى أجيال لم تعش الحرب وظروفها مثل جيل عاش معارك وطنه بكل مشاعره. ومن أسف أن بعض الجلادين للذات، يمسكون فى هزيمة يونيو 1967، ويرون أنها كشفت جيلا مهزوما، لكن الواقع أنها كشفت عن معدن أبناء هذا الجيل، وهو معدن شجاع يحمل كل معانى البطولة والنضج والتضحية والانتماء. فعلى الرغم من ألم الهزيمة ومرارتها، كلف هذا الجيل الرئيس جمال عبدالناصر بالحرب والثأر. ومن أجل هذا التكليف تحمل المصريون كل صنوف التضحية والعطاء حتى نصر أكتوبر 1973.
** أذكر أننا كنا 12 صحفيا من الأهرام، وقد شرفنا بحضور الرئيس الراحل حسنى مبارك، وفى حضور الأستاذ إبراهيم نافع رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير وذلك عام 1992 بمبنى الأهرام الجديد، ويومها طالب الزميل إبراهيم حجازى رحمه الله، الرئيس بضرورة توثيق حرب أكتوبر فى أفلام سينمائية تليق بالانتصار وتوثق الحرب وبطولات الجيش المصرى للأجيال القادمة، خاصة أن الأفلام التى تعاملت مع نصر أكتوبر لم تكن على مستوى البطولات والتضحيات التى قام بها أبطال القوات المسلحة المصرية الذين عاشوا 7 سنوات على حافة الثأر والنار فى الجبهة.
** تكررت المطالبة بأفلام توثق حرب أكتوبر 1973 التى بدأت فعليا فى الأول من يوليو 1967، بمعركة رأس العش وهى إحدى معارك حرب الاستنزاف، ودارت أحداثها بالقرب من بور فؤاد، عندما حاولت المدرعات الإسرائيلية احتلالها، لكن قوة من الصاعقة المصرية نجحت فى صد الاعتداء ببسالة. وفى هذا اليوم بدأت حرب الاستنزاف التى استمرت سنوات وامتدت حتى نصر أكتوبر 73.
** فى الفترة من يوليو 67 حتى أكتوبر 73. وقعت معارك كثيرة خلال حرب الاستنزاف، مثل معركة جزيرة شدوان بكل ما فيها من تضحيات وتفاصيل، ومعركة بناء حائط الصواريخ على ضفة القناة، وكذلك فى حرب أكتوبر كانت هناك عشرات المعارك الجوية والبحرية والبرية، ويكفى ملحمة العبور ذاتها، وعمليات الخداع الاستراتيجى، وكيفية البحث عن وسيلة لاختراق الحاجز الترابى على ضفة القناة.
أليس فى كل تفصيلة بطولة..؟
** إن فى مظاهرات طلبة الجامعة فى عام 1968 اعتراضا على هزيمة يونيو وعلى ما عرف بأحكام الطيران، ثم خروج طلبة الجامعة فى مظاهرات عام 1972 لمطالبة الرئيس السادات بالحرب، أليس هذا جزءا من معركة هذا الجيل وترسيخا لانغماسه فى قضية بلده وجزءا من حرب أكتوبر؟
** لقد أنتجت السينما الأمريكية والعالمية ما يقرب من 1500 فيلم عن الحرب العالمية الثانية، وصدرت لشعوب العالم توثيقا ذهنيا عن تضحيات الجيوش فى هذه الحرب التى شاركت بها عشرات الدول وكانت كل معركة كافية لأن يبنى عليها فيلم بسيناريو يجمع بين الكثير من الحقيقة، وبين بعض الخيال وفقا لقواعد الدراما. فكانت هناك أفلام عن معركة بيرل هاربر، وستالينجراد، ومعركة الإنزال الكبير على حافة نورماندى، ومعركة ضرب القوة الصاروخية التى أخذ هتلر يستعد بها لتدمير لندن، ومعركة الجنرال باتون فى شمال أفريقيا، ومعركة العلمين فى شمال مصر وعشرات المعارك، وكانت كل معركة تمثل فيلما يجسد بطولات الجنود والضباط والجيوش..
** حرب أكتوبر 1973 بدأت فى الأول من يوليو 1967 معركة رأس العش.. لا.. بدأت يوم خرج الشعب المصرى برفض الهزيمة، ومكلفا الرئيس عبدالناصر بالثأر.. كان جيلا عظيما، ضحى بالكثير من أجل استرداد الأرض والكرامة، وفعل ذلك بإرادة مذهلة.