بقلم - حسن المستكاوي
** لا أعرف كم مرة تناولت موضوع التجاوزات الإعلامية الرياضية.. ولكننى أفعل ذلك منذ سنوات طويلة بالكتابة وبالحديث، وقد أصابنى اليأس، وكنت أرى أنه لا جدوى إطلاقا من مناقشة الأمر، بعد أن أصبحت الكتابة حبرا على ورق، والكلام كلاما ساكتا، لا يسمعه أحد، والفوضى والتجاوزات معروفة ومشهودة دون عقاب أو إجراء، بل ودون حماية من الإساءات لمن يناقش تلك الفوضى. وهذا الأمر قائم منذ عقود (العقد عمره 10 سنوات) ولم يحدث أى شىء، بل ارتفعت درجات التهريج، ودخل الساحة بعض المهرجين الذين يمارسون تسلية المشاهدين، بكلام تافه وبكرة النار والاحتقان وبكلام لا يحمل أى محتوى، ولا يحمل كلمة حق، ولا يحمل رأيا فنيا حقيقيا. ولذلك اخترت من سنوات الاهتمام بالرياضة، وقيمها وبهجتها، والابتعاد تماما عن معارك ليس فيها فرسان !
** تحرك المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام. وهذه المرة أعلن المجلس أيضا أنه «سوف يتخذ الإجراءات الإدارية والقضائية اللازمة ضد عدد من الصفحات على منصات التواصل الاجتماعى، التى تبث وتنشر المنشورات التى تؤجج روح التعصب فى الوسط الرياضى المصرى».
** تمام. لكن التعصب الذى ينتشر على منصات التواصل الاجتماعى، يبدو فى أحيان كثيرة رد فعل لمنصات إعلامية تبث هذا التعصب بصور مختلفة، وتحمل تجاوزات فى اللغة، وفى المضمون وفى المحتوى. كما أن ظاهرة الكتائب الإلكترونية لبعض الأندية يجب تتبعها ومحاربتها، فهى تعمل على إشعال كرة الكراهية والاحتقان. وأظن أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، يعلم، ويسمع، ويرى، وكان الأوان قد آن قبل عشر سنوات وقبل عشرين سنة قبل وجود المجلس ذاته بنص فى الدستور، ولم يحدث أى شىء، والآن آن الأوان لاتخاذ الإجراءات اللازمة ويمارس المجلس سلطته وفقا للدستور..
** هذا ليس وقت المناشدة، ولا الخطب، ولا التهديد. هذا وقت إنفاذ القانون بكل قوة وحسم، هذا وقت الحساب لكل من يتجاوز. بداية من المنصات الرياضية الكبرى، ونهاية ببعض منصات التواصل الاجتماعى، والتى أرى فى بعضها رد فعل لتصريحات وآراء وكلام وصياغات مثيرة للغضب، والانفعال والدهشة وللسؤال كيف ولماذا؟
** فى بيانه قال المجلس إنه «لاحظ التزام معظم وسائل الإعلام والصحف بالضوابط والمعايير المقررة بموجب قانونه وتبين من واقع الرصد اليومى المشار إليه وبعض الشكاوى التى وردت إلى المجلس وجود عدد من الصفحات على منصات التواصل الاجتماعى ذات المتابعة الكثيفة، تقوم ببث ونشر بعض المنشورات من شأنها أن تؤدى إلى تأجيج روح التعصب والتميز بين المواطنين فى المجال الرياضى، وتتضمن إساءة وسبا وقذفا فى حق المؤسسات والجماهير والأفراد، بما يحض على العنف والكراهية وما يخالف القانون. وأنه بناءً على ما تقدم، فإن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام يقوم حاليا باتخاذ كافة الإجراءات الإدارية والقضائية اللازمة ضد تلك الصفحات».
** تمام. هيا بنا الآن للتطبيق، وللعقاب، ولاتنتظروا فقد طال الانتظار. والمسألة لا تختص بالمشهد الإعلامى الرياضى، وإنما تمتد إلى جميع عناصر ممارسة الرياضة ولاسيما كرة القدم، فهناك تجاوزات داخل الملاعب من جانب لاعبين ومدربين، وإداريين، تستوجب العقاب الصارم، لأن الاعتراض والتجاوز والعنف ضد لاعب أو مدرب أو حكم أو ناد يؤجج خطاب الكراهية والعنف والاحتقان، وهو أمر لا يجب السكوت عنه أو تركه، وهنا يأتى دور الهيئات الرياضية، ودور ونصوص قانون الرياضة، ودور لوائح المسابقات المحلية، وعندما تسود الفوضى، ويشتعل التعصب، يكون دور العقاب ضرورة وحتميا وبأقسى النصوص، فكل إصلاح فى تاريخ البشرية، وكل نهضة، فى المجتمعات فرضت بالقانون شديد القسوة أحيانا حتى يصبح الخوف من العقاب ومن القانون احتراما للغير واحتراما لهذا القانون..!