بقلم - حسن المستكاوي
** لأكثر من ساعتين استمتعت بأداء فريق بيراميدز أمام الزمالك. فقد أسقط أداء المدرب البرتغالى نظرية قديمة تقول: «الكورة إجوال». فالصراع هو كرة القدم، وهو وجه من أوجه المتعة. وقد لعب بيراميدز فى تلك المباراة أفضل مبارياته هذا العام، ففى الدقيقة السادسة تقدم الزمالك بهدف، فى الدقيقة 12 طرد قلب دفاعه على جبر. وبعد ثلاث دقائق، ودون انتظار طويل، سحب باتشوكا عبدالله السعيد نجم نجوم الفريق، ودفع بأسامة جلال لتعزيز الدفاع، وقرر المدرب اللعب بطريقة 1/4/4 وانتفض بيراميدز باحثا عن التعادل فى مواجهة الزمالك المعزز بنجومه. وكان تكتيك «فريق العشرة الطيبة» رائعا، فعندما يسترد الكرة يتقدم رمضان صبحى وإبراهيم عادل، وخلفهما ثنائى الوسط الموهوب بلاتى توريه ووليد الكرتى، ويمارس الفريق كله الضغط فى أنحاء الملعب، فى حالة نضال نادرة على الكرة المصرية لأنها استمرت فعليا 120 دقيقة.
** تغيير عبدالله السعيد كان شجاعة مدرب، وحتى الدفع بدودو الجباس فى الدقيقة 120 بدلا من عبدلله مجدى الذى لعب فى الدقيقة 102، كان شجاعة وتكتيك مدرب يستعد لركلات الجزاء. وبالنسبة لى كانت تلك واحدة من مباريات كرة القدم الرفيعة المستوى من ناحية بيراميدز ومدربه باتشيكو. فالجمال فى اللعبة ليس بالضرورة مجرد فوز لفريق على الآخر دون مقاومة، وبعدد وافر من الأهداف. وكما قال الكاتب والأديب جون لانشستر فى مقال له منشور فى مجلة ناشيونال جيوجرافيك: «إن كرة القدم الجيدة لعبة صعبة، وكرة القدم الجيدة لعبة جميلة، وكلاهما الصعوبة والجمال مرتبطان وترى الصعوبة فى التكتيك الجماعى المطبق بمنتهى الدقة وحين ترى هذا التكتيك الجماعى الصعب يطبق بمهارة وفن يزداد الإعجاب».
** نحن إذن أمام تفسير آخر للجمال فى كرة القدم لكن فى اللعبة أسرار تستحق التوقف عندها، أسرار جعلتها تنتشر وتستمر وتسلب عقول ملايين البشر وتمتعهم فعلى الرغم من مضى آلاف السنين، على نشأتها، وعشرات السنين على تهذيبها، لم تمت الكرة الجميلة ولكن تغيرت أوجه الجمال فقديما كانت المباراة مبارزة فردية وصريحة وواضحة بين بعض المواهب وبعض المواهب مبارزة مساحتها كبيرة وعريضة تسمح للفرد بالتعبير عن موهبته، وكان ٍذلك فى حد ذاته مبهرا للمشاهدين والمتفرجين، ثم تغيرت اللعبة وتطورت، وباتت الآن المباراة تجسيدا لفكرة الصراع الجماعى، الذى يستند على الفريق وعلى عمل الجماعة وعلى تعاون الجميع وعلى التكتيك والدهاء. وعلى القوة والسرعة فى كل شىء وهو صراع مستمر فى كل لحظة من المباراة، صراع يبدأ مع كل هجوم لفريق على مرمى الفريق الآخر. وهو صراع بطول زمن المباراة. وهذا الصراع المستمر هو جوهر كرة القدم..
** افتقد الزمالك طريقة لعبه المعروفة 3/4/3، وافتقد بعض مفاتيح لعبه، وكان تشكيل البداية خطأ، ومراكز اللاعبين خطأ. وكان الأداء فرديا، وكان تعالى اللاعبين واستهتارهم كبيرا بعد التقدم المبكر، والطرد. والواقع أن يملك بيراميدز مجموعة متميزة من اللاعبين، لكنه ظل يفتقد الإدارة التكتيكية الحكيمة من مدرب. فالمواهب لا تعنى هجوما مستمرا بدون تنظيم. وفى كأس العالم الأخيرة اعتبرت اللجنة الفنية أن البطل فى كثير من المباريات هم حراس المرمى والمدافعون. بل إن أداء المغرب التكتيكى أمام إسبانيا التى قامت بأداء 1050 تمريرة كان تكتيكيا رائعا من الركراكى مدرب الفريق المغربى. عندما جعل الملعب ضيقا بتقدم رباعى الظهر وملاصقتهم لرباعى الوسط. فكانوا الثمانية حائطا حال دون تقدم الإسبان.. إن كرة القدم الجميلة ليست بالضرورة هى الأهداف!