توقيت القاهرة المحلي 17:00:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الميتون بالحياة

  مصر اليوم -

الميتون بالحياة

بقلم - محمود خليل

كيف يتحول إنسان إلى "ميت بالحياة"؟ 5 خطوات أساسية تحدد طريق الوصول إلى هذه الحالة.أولى الخطوات تتمثل في تنازل الإنسان عن كرامته.

فالإنسان يولد في الحياة متمتعاً بكامل كرامته، تلك هي الفطرة التي فطر الله الناس عليها: "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا".

القبول بالإهانة والإهدار يمثل الخطوة الأولى لتخلي الإنسان عن إنسانيته، وتحوله إلى كائن "ميت بالحياة".

وليس ثم من سبب يدعو الإنسان إلى تلمس أسباب الحياة بالذل إذا كان يحترم إنسانيته.الخطوة الثانية تحمل مفهوماً معاكساً لمفهوم التنازل عن الكرامة، ويتمثل في "التعالي"، بمعنى أن يظن إنسان أنه أقدر وأفهم وأعقل وأنبه وأحسن من الآخرين، فيدفعه ذلك إلى التعامل معهم باعتزاز مريض بالذات، والعزة لا تتحقق بما يملكه الإنسان من معطيات الحياة، أو بسيطرته عليها، بل بالتواضع لله تعالى، لأن العاقل يعلم أنه إنسان ضعيف، وأن عزته تتحقق بأن يجبر ضعف غيره، ليجد من يجبر ضعفه: "ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا".

التعالي يميت الإنسان بالحياة، بل يقتل الحياة نفسها.الخطوة الثالثة تتمثل في الظلم. انتشار الظلم والمظالم داخل مجتمع معين يؤدي إلى إفساد الحياة، وتشويه وجهها، وتحول البشر إلى آلات استنزاف لبعضهم البعض، بما يؤدي إلى إرهاق الجميع، وكل إرهاق يعانيه الإنسان على مستوى حاجاته الإنسانية الأساسية يقربه إلى منصة "الموت بالحياة"، لأن الإرهاق يقتل النفس بيد صاحبها: "ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون".

وتحمل الخطوة الرابعة المفهوم العكسي لنشر الظلم، وتتمثل في الرضاء به. التغاضي عن وجود الظلم في واقع معين، وعدم التفات الفرد إلى الظلم الذي يقع على غيره، والتفكير "الجحوي" -نسبة إلى عم جحا- الذي يرتكز على فكرة أنه ما دام الظلم بعيداً عن داري فلا بأس، يضعنا أيضاً أمام إنسان ميت بالحياة.

فالظلم الذي يتغاضى الإنسان عنه لأنه يحيق بغيره، لابد أن تأتي لحظة يمتد إليه فيها.

والله تعالى يقول: "واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب".الخطوة الخامسة تتمثل في تحييد مبدأ "التدافع" في الحياة، والتدافع في الحياة لا يعني الصراع بين الأفراد، قدر ما يعني السعي والكفاح من أجل تحسين شروط الحياة، وذلك عن طريق التحريك المستمر لمعطياتها وأدواتها، وعدم الركون إلى فكرة الاستقرار القائم على "الركود"، وبقاء كل شىء على ما هو عليه حتى ولو كان ضاراً أو غير مفيد، والإيمان بأن الحياة الحقيقية ترتكز على فكرة التغير والتغيير، وأن الظهور والاختفاء هو القانون الأساسي الذي يحكم حركة الإنسان على مسرح الحياة، التي لا يدوم فيه شخص أو شىء: "كل يوم هو في شأن".

الركود سمة من سمات الموتى، أما التقلب والتغير والتحول فيمثل السمة الأهم لاستشعار الحياة. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الميتون بالحياة الميتون بالحياة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon