توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هزمه قلبه.. والحلم بـ«الونس»

  مصر اليوم -

هزمه قلبه والحلم بـ«الونس»

بقلم - د. محمود خليل

أخذ الشيخ «آدم الكبير» يتمتم بصوت غير مفهوم: «ذنب حسن الترجمان أنه كان يشعر بالضعفاء ويرق قلبه لهم».. يسأله الحفيد عما يقوله، ولا يسمع إجابة.. يحاول أن يحرك جسده، يشعر أنه ليس منه.. يتأفف ويسأل: هل أصبت بالشلل؟.. أشعر أن جسمى ليس منى.. ورغم ذلك يوجعنى.. ينظر يجد أمامه شخصاً لا يميز ملامحه.. هل هو جده «الترجمان» أم جده «آدم» أم شخص ثالث.. يشعر بشىء يوخز جسده.. يتوجع ويئن أنيناً خافتاً.. يشعر ببعض الراحة.. ينظر إلى جده فيراه بصفاء ويقول له:

- الشاب: واضح إن مراة جدى «حسن» كانت «آخر سيطرة».. وجدى كان ذائب فى كعب رجليها.

- الشيخ: كان يحتاج إليها أكثر مما يحبها.. والاحتياج أشد فتكاً بالرجل من الحب.. كان وحيداً يريد الأنس بالزوجة والولد.

- الشاب: الإنسان لازم يعيش بقلب ميت.

- الشيخ: من لم تشغله الطاعة شغلته المعصية.. لم يكن فى مقدور «الترجمان» أن يعيش بوجدان ميت.

يظهر «الترجمان» وهو يتنقل بين عدد من الحوانيت بشارع الحمزاوى.. يمسك بدفاتر حساب المحل ويغرق فى تدقيقها.. ثم ينتقل إلى المحل الذى يليه.. إلى أن يصل إلى دكان عطارة كبير، قبل أن يدخله يستوقفه شخص تظهر عليه علامات الضعف والهزال.. ويقول له أريدك فى كلمتين:

- الرجل الغريب: اسم الكريم «حسن».. أليس كذلك؟.

- «الترجمان»: نعم.. أى معروف يمكن أن أبذله لك؟.

- الرجل الغريب: محسوبك عز الدين أمين الألفى.

- «الترجمان» (بتوجس): هل أنت ابن أمين بك الألفى، المملوك الذى قفز بحصانه من فوق القلعة يوم مذبحة 1811؟.

- الرجل الغريب: نعم.. ولعلك تعلم أن ولى النعم عفا عنا.. وأنا الآن كما ترى.. هاجر أبى إلى الشام وناداه الموت واستقرت عظامه فى ترابها.. وتركنى هنا وحدى أكاد أتسول اللقمة.

- «الترجمان» (وقد رق له): أنا تحت أمرك فى أى مساعدة.

- الرجل الغريب: دام كرمك.. الستّار موجود.. لقد جئت لأساعدك أنت لمّا سمعت عن أمانتك.

- «الترجمان»: خيراً.

- الرجل الغريب: سمعت من بعض التجار هنا أنك تجيد الفرنساوية.. وقد أخبرنى أحد معارف أبى الراحل ببلاط الوالى أنهم يبحثون عن ترجمان فرنساوى.. فقلت أخبرك بالأمر.. فقد يكون لك فيه لقمة عيش.

- «الترجمان» (بتأفف): لا أريد العودة إلى هذا العمل.. لله الحمد والشكر.. عملى حالياً يسترنى.

- الرجل الغريب: سترك الستير دنيا وآخرة.. ولكن قد يجعل الله ستر غيرك على يديك لو عملت ترجمان ببلاط الوالى.

- «الترجمان»: لا أفهم مقصودك.

- الرجل الغريب: لقد قلت ما عندى.. أستودعك الله.

يظهر «حسن» جالساً فى بيته وعلى حجره ولده الرضيع يداعبه بسعادة.. تدخل عليه زوجته متأففة كعادتها فيدعوها إلى الجلوس ليسر إليها بحديث «المملوك الجركسى» الذى قابله فى شارع الحمزاوى.

- «الترجمان»: ما رأيك؟- الزوجة: وافق طبعاً.

- «الترجمان»: لكننى أخذت عهداً على نفسى ألا أعود إلى هذا العمل بعد واقعة «الحلبى».

- الزوجة: اسمع يا «حسن».. أنت «غريب».. وأبى على قد حاله كما تعلم.. ماذا ستترك لهذا الصغير ولمن ستنفضهم من ظهرك؟.. الحياة لا تطمئن إلا بالمال.. وعلى رأى المثل «الحظ مع الغريب».. ألا تسمع عن المغاربة أولاد الشرايبى وتلال الأموال التى ورثوها عن أبيهم.. ألست مغربياً مثله؟.

- «الترجمان»: لقد رق قلبى للجركسى.. وودت أن أساعده بالمال.

- الزوجة: إنه هو الذى يساعدك ويفتح لك باب رزق جديد.. إياك والنمردة.

- «الترجمان»: ربنا يقدم ما فيه الخير.

يضحك «آدم الحفيد» وهو يسمع هذا الكلام.. ثم يقول لجده: «واضح أن الترجمة كانت مربحة جداً فى هذا العصر».. المصيبة فى أيامنا.. خلاص كله شغال على الترجمة ببرامج الكمبيوتر.

يبتسم الجد لـ«آدم».. ويصمت قليلاً.. ثم يقول: رحم الله «الترجمان» لقد هزمه قلبه وقتله احتياجه للونس.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هزمه قلبه والحلم بـ«الونس» هزمه قلبه والحلم بـ«الونس»



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon