توقيت القاهرة المحلي 11:01:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وكر الموظفين

  مصر اليوم -

وكر الموظفين

بقلم - محمود خليل

اجتمع عدد من الموظفين ليبحثوا حال زميلهم "فتحي أنيس" الذي يشحت السجاير من عملاء المؤسسة، ويستلف من زملائه ثمن ساندوتش الفول الذي يفطر به. قرروا عد تركه هكذا، عطفاً عليه من ناحية، وحماية لسمعتهم كفريق عمل يعد "فتحي" عضواً فيه، من ناحية أخرى.

فكر أحدهم بعمق ثم اقترح الحل: "ألحقوه بوظيفة يمكن أن تدر عليه رشوة!"، تلقف أعضاء الفريق الاقتراح بنوع من الترحيب السخرية أيضاً، ولكن سرعان ما نحّوه جانباً لأن "فتحي" لا يمتلك مؤهلاً يمنحه فرصة عمل في المستخدمين أو الحسابات أو المخازن أو المشتريات.

المخازن والمشتريات وخلافه تعد من "المواقع المقرشة" الغنية بالمنافع لأصحاب الضمائر المطاطية والذمم الستريتش.

وهي مواقع بعرفها الراسخون في علم الوظيفة في مصر منذ أن دخلت العصر الحديث للوظيفة، أيام محمد علي باشا الكبير وما بعدها. وهي الفكرة التي استدعاها نجيب محفوظ في رواية "المرايا" وهو يرسم شخصية "فتحي أنيس".

فمن طرف خفي وفي سياق كوميدي لطيف أشار إلى الكيفية التي تتحول به بعض بيوت الوظيفة إلى وكر يجمع مجموعة من المنتفعين وليس النافعين للناس، ويصبح جل همهم نفع بعضهم البعض، وتمرير المصالح إلى بعضهم البعض، فيما يشبه الوكر.

أراد أعضاء وكر الموظفين حل مشكلة "فتحي أنيس" على حساب "صاحب المحل" ففكروا في تعيينه في أحد المواقع الوظيفية التي تتوافر بها رشاوى أو مساحات للنهب، وأبرزها المشتريات والمخازن، لكن حال دن ذلك عدم حصوله على شهادة، وكأن نجيب محفوظ أراد أن يقول أن الفساد في بلادنا أحياناً ما يكون بـ"شهادة".

لكنه من ناحية أخرى بيّن لقارئه عبر شخصية "فتحي أنيس" أن الدنيا في بلادنا ليست شهادات وفقط، بل قد تكون حظاً أيضاً، بل إن أثر الحظ في إنعاش الحياة يتفوق في اغلب الأحيان على "الفساد بشهادة"، وقد كان "نجيب" يتحدث عن الشهادة في زمن تمتعت فيه ببعض القيمة.

فريق الموظفين الذين كان يسعى بالأمس لحل مشكلة المسكين "فتحي أنيس" بات أكثر اقتناعاً بدور الحظ في الحياة، لما وجد "فتحي" يدخل عليهم ذات يوم معرشاً ومكرشاً، وكل ما فيه وما عليه ينطق بالنعمة.

وكان السر في ذلك "زيجة" تزوجها، باع فيها شبابه لأرملة عجوز، ماتت عقب الاحتفال بالزواج بوقت قصير، وتركت له ثروة عريضة، أخذ ينعم بها، ولم يستطع أن يخفي فرحته بالتحول "الحظي" الذي أصابه، رغم مضي أيام قليلة على وفاة ربيبة نعمته.

عاش فتحي أنيس أطول مما عاش مغبطوه أو حاسدوه داخل وكر الموظفين الذي كان يعمل فيه، واستمتع بحياته أكثر وأكثر، رغم ما سادها من بوهيمية، وانتهت به الحال إلى إقامة علاقة بفتاة إيطالية فاتنة، وهو التحول الذي أرهق أعصاب فريق الموظفين أكثر، خصوصاً وأن الرجل كان قد بلغ الـ66 من عمره، فازاداد مغبطوه غبطة وحاسدوه حسداً له.ويختتم نجيب محفوظ حدوتة فتحي أنيس متسائلاً: "فهل سمعت عن عاشق في مثل هذه السن؟".. ولكنه الحظ.. ألف ليلة وليلة، وكل ما عداه باطل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وكر الموظفين وكر الموظفين



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon