توقيت القاهرة المحلي 04:58:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تلقوا فيه العزاء وهو حي

  مصر اليوم -

تلقوا فيه العزاء وهو حي

بقلم - د. محمود خليل

كلام عجيب كتبه الراحل عبدالمنعم شميس عن الدكتور «أحمد ضيف». وهو أحد كبار النقاد الأدبيين فى مصر خلال النصف الأول من القرن العشرين، يقول فيه: «أحمد ضيف الأديب المبدع والأستاذ الفذ الذى ظل طه حسين يطارده أينما ذهب ويبعده حيثما ذهب».

المعنى واضح فيما كتبه «شميس» فهو يتحدث عن رجل كان منافساً لطه حسين، ويحكى أنه سبقه فى الحصول على الدكتوراه من السربون بفرنسا قبل أن يوفد طه حسين فى بعثة تالية، وكان «ضيف» أستاذاً للأدب العربى فى الجامعة المصرية (جامعة القاهرة) قبل طه حسين، أسبقية الرجل لعميد الأدب العربى كانت سر مأساته فى الحياة، وسبباً مباشراً فى حالة الغبن التى عاشها خلال مراحل عديدة من عمره.

ينقل عبدالمنعم شميس عن الدكتور أحمد ضيف أنه ألف -خلال بعثته فى باريس- رواية أطلق عليها عنوان «منصور» تحكى قصة شاب أزهرى كفيف، فأخذ طه حسين فكرته وبنى عليها سيرته الذاتية الشهيرة «الأيام». ليس من السهل قبول هذا الكلام، خصوصاً إذا علمنا أن قصص المكفوفين المكافحين فى الأزهر كانت شائعة، كما أن طه حسين تحدث فى الأيام عن تجربة ذاتية واقعية عاش أحداثها، وهى أبعد ما تكون عن خيال الأديب، لكنك قد تستغرب إذا علمت أن طنطنة «ضيف» بفكرة روايته التى اقتبسها طه حسين فى «الأيام» كانت سبباً مباشراً فى نقله من كلية الآداب إلى كلية دار العلوم، لتخلو الكلية الأولى تماماً للعميد.

لم يكن الدكتور أحمد ضيف -كما هو واضح من سيرته- من هواة المعارك، بل كان يؤثر العزلة التى تمنحه القدرة على البحث والدرس وتأمل الحياة الأدبية وما يتفاعل على ساحتها من إبداعات وأفكار، ورغم ذلك فإن الحياة لم تتركه فى حاله، فكانت المشكلات تطارده وتستنزفه أينما ذهب، منذ اللحظة التى حصل فيها على الدكتوراه قبل طه حسين.

أثناء عودته بالبحر من بعثته إلى فرنسا ضربت فرقاطة ألمانية السفينة التى تقله إلى مصر، فغرق كل من فيها، وشاءت العناية الإلهية أن يمسك الدكتور «ضيف» بلوح خشب عائم كان سبباً فى إنقاذه، وصل إلى الشاطئ وقد فقد ذاكرته من هول ما رأى، أخذ يلف ويدور فى شوارع الإسكندرية -مسقط رأسه- يسأل عن بيته، حتى هداه الله إليه أخيراً، فتحت له أمه، لم تصدق أن ابنها، الذى أخبروها أنه مات غريقاً وتقبلت عزاءه، يقف أمامها.

عاش الدكتور أحمد ضيف ناقداً ومؤرخاً أدبياً من الوزن الثقيل، وشارك فى تأليف الكتب المدرسية فى مصر ما قبل الثورة، وتولى عمادة كلية دار العلوم بعد نقله إليها، وتوفاه الله عام 1945.

بطبيعة الحال لا يستطيع أحد أن يقلل من عظمة طه حسين وموهبته الفذة والنقلة التى أحدثها فى الفكر العربى ومنهجية البحث الأدبى، لكننا لا نستطيع أن نغفل أن العميد بتركيبته كان شديد النرجسية، يمتعض بعض الشىء من ظهور أحد إلى جواره، واستخدم مهارته وعلاقاته الوطيدة بكبار رجال عصره -وقد كان واحداً منهم- فى استبعاد أى منافس له، مثل الدكتور أحمد ضيف. وشهادة كاتب ومؤرخ بحجم عبدالمنعم شميس للرجل تجعلنا نلتفت بالفعل إلى سعى طه حسين الدؤوب فى تهميش منافسيه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تلقوا فيه العزاء وهو حي تلقوا فيه العزاء وهو حي



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:49 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

إطلالات للمحجبات تناسب السفر

GMT 10:42 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

بولندا خرقت القانون بقطع أشجار غابة بيالوفيزا

GMT 23:19 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

كلوب يحمل بشرى سارة بشأن محمد صلاح

GMT 01:19 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

لاتسيو يحتفظ بخدمات لويس ألبيرتو حتى 2022

GMT 07:17 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

وفاء عامر تبدي سعادتها لقرب عرض مسلسل الدولي

GMT 09:03 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

فيسبوك يُجهّز لتسهيل التطبيق للتواصل داخل الشركات الصغيرة

GMT 20:34 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

حبيب الممثلة المطلقة أوقعها في حبه بالمجوهرات

GMT 04:40 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

أشرف عبد الباقي يسلم "أم بي سي" 28 عرضًا من "مسرح مصر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon