توقيت القاهرة المحلي 15:24:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تلقوا فيه العزاء وهو حي

  مصر اليوم -

تلقوا فيه العزاء وهو حي

بقلم - د. محمود خليل

كلام عجيب كتبه الراحل عبدالمنعم شميس عن الدكتور «أحمد ضيف». وهو أحد كبار النقاد الأدبيين فى مصر خلال النصف الأول من القرن العشرين، يقول فيه: «أحمد ضيف الأديب المبدع والأستاذ الفذ الذى ظل طه حسين يطارده أينما ذهب ويبعده حيثما ذهب».

المعنى واضح فيما كتبه «شميس» فهو يتحدث عن رجل كان منافساً لطه حسين، ويحكى أنه سبقه فى الحصول على الدكتوراه من السربون بفرنسا قبل أن يوفد طه حسين فى بعثة تالية، وكان «ضيف» أستاذاً للأدب العربى فى الجامعة المصرية (جامعة القاهرة) قبل طه حسين، أسبقية الرجل لعميد الأدب العربى كانت سر مأساته فى الحياة، وسبباً مباشراً فى حالة الغبن التى عاشها خلال مراحل عديدة من عمره.

ينقل عبدالمنعم شميس عن الدكتور أحمد ضيف أنه ألف -خلال بعثته فى باريس- رواية أطلق عليها عنوان «منصور» تحكى قصة شاب أزهرى كفيف، فأخذ طه حسين فكرته وبنى عليها سيرته الذاتية الشهيرة «الأيام». ليس من السهل قبول هذا الكلام، خصوصاً إذا علمنا أن قصص المكفوفين المكافحين فى الأزهر كانت شائعة، كما أن طه حسين تحدث فى الأيام عن تجربة ذاتية واقعية عاش أحداثها، وهى أبعد ما تكون عن خيال الأديب، لكنك قد تستغرب إذا علمت أن طنطنة «ضيف» بفكرة روايته التى اقتبسها طه حسين فى «الأيام» كانت سبباً مباشراً فى نقله من كلية الآداب إلى كلية دار العلوم، لتخلو الكلية الأولى تماماً للعميد.

لم يكن الدكتور أحمد ضيف -كما هو واضح من سيرته- من هواة المعارك، بل كان يؤثر العزلة التى تمنحه القدرة على البحث والدرس وتأمل الحياة الأدبية وما يتفاعل على ساحتها من إبداعات وأفكار، ورغم ذلك فإن الحياة لم تتركه فى حاله، فكانت المشكلات تطارده وتستنزفه أينما ذهب، منذ اللحظة التى حصل فيها على الدكتوراه قبل طه حسين.

أثناء عودته بالبحر من بعثته إلى فرنسا ضربت فرقاطة ألمانية السفينة التى تقله إلى مصر، فغرق كل من فيها، وشاءت العناية الإلهية أن يمسك الدكتور «ضيف» بلوح خشب عائم كان سبباً فى إنقاذه، وصل إلى الشاطئ وقد فقد ذاكرته من هول ما رأى، أخذ يلف ويدور فى شوارع الإسكندرية -مسقط رأسه- يسأل عن بيته، حتى هداه الله إليه أخيراً، فتحت له أمه، لم تصدق أن ابنها، الذى أخبروها أنه مات غريقاً وتقبلت عزاءه، يقف أمامها.

عاش الدكتور أحمد ضيف ناقداً ومؤرخاً أدبياً من الوزن الثقيل، وشارك فى تأليف الكتب المدرسية فى مصر ما قبل الثورة، وتولى عمادة كلية دار العلوم بعد نقله إليها، وتوفاه الله عام 1945.

بطبيعة الحال لا يستطيع أحد أن يقلل من عظمة طه حسين وموهبته الفذة والنقلة التى أحدثها فى الفكر العربى ومنهجية البحث الأدبى، لكننا لا نستطيع أن نغفل أن العميد بتركيبته كان شديد النرجسية، يمتعض بعض الشىء من ظهور أحد إلى جواره، واستخدم مهارته وعلاقاته الوطيدة بكبار رجال عصره -وقد كان واحداً منهم- فى استبعاد أى منافس له، مثل الدكتور أحمد ضيف. وشهادة كاتب ومؤرخ بحجم عبدالمنعم شميس للرجل تجعلنا نلتفت بالفعل إلى سعى طه حسين الدؤوب فى تهميش منافسيه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تلقوا فيه العزاء وهو حي تلقوا فيه العزاء وهو حي



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon