توقيت القاهرة المحلي 04:19:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ميلاد النبي وبشارات الفرح

  مصر اليوم -

ميلاد النبي وبشارات الفرح

بقلم - د. محمود خليل

لا توجد صورة متكاملة حول طفولة النبى محمد، صلى الله عليه وسلم، وصباه وشبابه، بل مجموعة من المعلومات المتناثرة هنا وهناك فى كتب السيرة والتراث، يستطيع الباحث حال تجميع شتاتها الاجتهاد فى رسم صورة تقريبية لما كانت عليه حال النبى خلال الفترات الأولى من عمره وحتى بعثته فى الأربعين من عمره.

حاولت كتب السيرة رسم صورة لعبدالله بن عبدالمطلب، والد النبى، يصح أن نصفها بصورة «الفتى الأول» الذى تهفو قلوب بنات مكة إليه، إلى درجة المحاولات الصريحة من جانب كثيرات منهن التعرض له فى الطرقات للنظر إليه (حالة فاطمة الخثعمية نموذجاً)، والسر فى ذلك هو النور الذى يبدو فى جبهته (نور محمد صلى الله عليه وسلم)، وهو النور الذى تلاشى بعد أن قام بالمهمة التى يسّره الله تعالى لها، بوضع نطفة النبى فى آمنة بنت وهب.

قصص عجائبية أخرى عديدة تجدها فيما تحكيه كتب السيرة عن صور ومشاهدات رأتها السيدة آمنة خلال حملها فى النبى، صلى الله عليه وسلم، وقبل ولادته وأثناءها، وحكايات أشد إدهاشاً رواها آخرون حول نار الفرس التى تنطفئ، ونجم أحمد الذى يلمع فى السماء، وغير ذلك.

تبدو العاطفة الدينية فى هذه القصص قوية، وهى تحاول رسم صورة عجائبية مدهشة حول ميلاد النبى، صلى الله عليه وسلم، قد يقبلها البعض، وقد يأباها آخرون انطلاقاً من أن النبى، بنص القرآن، هو بشر رسول، معجزته الكبرى هى القرآن الكريم، وليس خرق قوانين الطبيعة أو الإتيان بالخوارق: «قل سبحان الله هل كنت إلا بشراً رسولاً»، وكان صلى الله عليه وسلم يصف نفسه قائلاً: «إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد».

عبدالله بن عبدالمطلب، والد النبى، كان شخصية عادية يكتسب حيثيته من انتمائه العائلى إلى عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف، وبما لهذه العائلة من قيمة ومقام يرتبط برعاية البيت الحرام. أولاد عبدالمطلب كلهم اكتسبوا قيمتهم ومقامهم من الانتماء إلى هذا الرجل الذى كان سيداً فى قومه، وليس أدل على ذلك من رضوخ أهل مكة لقراره الخطير بعدم مواجهة جيش أبرهة الذى توجه إلى هدم البيت الذى يعظمونه وتركه لانتقام السماء.

فقد كان لعبدالمطلب سلطة واقعية على قومه أساسها التجربة الحياتية الكبيرة التى أكسبته الخبرة، والإيمان الروحى القوى برب البيت الذى أكسبه قوة وقدرة على المواجهة. وكل أبناء عبدالمطلب كانوا يسعون ويتاجرون فى كنفه، دون أن يتميز أحد منهم على أحد، إلا بما شاء الله. وقد شاءت الإرادة الإلهية أن يخرج النبى، صلى الله عليه وسلم، من صلب عبدالله بن عبدالمطلب، وأرادت الأقدار أن يتوفى عبدالله فى إحدى السفرات التجارية قبل أن يولد ولده.

وفاة عبدالله خلّفت حزناً عميقاً لدى أسرة عبدالمطلب، حزن الأب الذى كان شديد الفخر والاعتزاز بذكوره العشرة الذين أنجبهم ونقصوا حبيباً إلى قلبه هو ولده عبدالله، وحزن الإخوة حزناً عنيفاً على شقيقهم الراحل، خصوصاً عبدالعزى (أبولهب)، أما الحزن الأعظم فقد عشش فى قلب السيدة آمنة.. فليست هناك مرارة أشد على الزوجة من وفاة زوجها وفى جسدها نطفة منه.

تحول هذا الحزن لدى الأسرة إلى طاقة عطف ممتدة للصغير الآتى، ففرح به الجد عبدالمطلب ووجد فيه العوض عن ولده الراحل، وعطف على الصغير كل العطف، انشرح صدر أعمام محمد، صلى الله عليه وسلم، وكان أشدهم انشراحاً عمه «أبولهب» الذى أعتق الجارية التى بشرته بميلاد محمد، ووجدت الأم فى ولدها أملاً جديداً يشدها إلى الحياة، بعد أن بدأ شغفها بها يتضاءل عقب وفاة زوجها.

شاء الله تعالى أن يكون مولد محمد، صلى الله عليه وسلم، خروجاً من دوائر الحزن إلى رحاب الفرح، وأن يتحول الوليد الذى قوبل بطاقة عطف عائلية كبيرة إلى طاقة عطف ممتدة الظلال على البشر جميعاً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ميلاد النبي وبشارات الفرح ميلاد النبي وبشارات الفرح



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:49 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

إطلالات للمحجبات تناسب السفر

GMT 10:42 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

بولندا خرقت القانون بقطع أشجار غابة بيالوفيزا

GMT 23:19 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

كلوب يحمل بشرى سارة بشأن محمد صلاح

GMT 01:19 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

لاتسيو يحتفظ بخدمات لويس ألبيرتو حتى 2022

GMT 07:17 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

وفاء عامر تبدي سعادتها لقرب عرض مسلسل الدولي

GMT 09:03 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

فيسبوك يُجهّز لتسهيل التطبيق للتواصل داخل الشركات الصغيرة

GMT 20:34 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

حبيب الممثلة المطلقة أوقعها في حبه بالمجوهرات

GMT 04:40 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

أشرف عبد الباقي يسلم "أم بي سي" 28 عرضًا من "مسرح مصر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon