توقيت القاهرة المحلي 07:53:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ويمشي في جنازته

  مصر اليوم -

ويمشي في جنازته

بقلم: د. محمود خليل

ما أكثر ما مد أحد المماليك يد الأذى إلى غيره، أسهل شيء بالنسبة لأي أمير مملوكي أن يعالج خصمه بالسيف، أو بتدبير عمليات الاغتيال، أو دس السم في الطعام أو الشراب، أو دس سم الكلام في أذن السلطان ومن بيده الأمر ليغضب على هذا الأمير أو ذاك، فيوجه إليه سهام عذابه حتى يلقى وجه ربه، ولم يجد القاتل بعد ذلك أية غضاضة في أن يسير في جنازة قتيله، وربما بكاه أيضا.

بعد أن فرغ الأمير بيبرس البندقداري من قتل السلطان "قطز" وأقام له الجنازة التي تليق به، اجتمع الأمراء لمبايعته بحضور سلطان العلماء العز بن عبد السلام، بايع الأمراء، لكن الشيخ رفض أن يبايع، نظر إليه الأمراء وسألوه: لماذا ترفض يا مولانا المبايعة، فأشار الشيخ إلى "بيبرس" وقال إنه ما زال عبداً مملوكاً لـ"البندقدار"، وبالتالي لا يجوز أن يكون سلطاناً، ولم يبايعه إلا بعد أن حلف له الأمراء أن أستاذه "البندقدار" منحه حريته.

مرت الأيام ومات العز بن عبد السلام، وأقيمت له جنازة مهيبة تليق بما حظى به من شعبية خلال حياته، نظر "بيبرس" إلى الجنازة وجموع الناس تسير خلفها وقال: "الآن صفا لي ملك مصر".

والعجيب أن هذه العبارة تكررت على لسان الوالي محمد علي لما علم بوفاة أشد خصومه قوة، وهو الأمير المملوكي محمد بك الألفي، تنفس الصعداء لحظتها، وقال في نفسه الآن أصبحت والياً حقيقياً على مصر، وربما ترحم على الألفي!.تأمل كذلك ما وقع لـ"حسام الدين طرنطاي" نائب سلطنة المنصور قلاوون.

أسدى "طرنطاي" معروفاً كبيراً للمنصور قلاوون وأولاده، حين تمكن من القبض على "سنقر الأشقر" الذي تمرد على السلطنة في القاهرة، وأعلن نفسه سلطاناً على الشام التي كانت تخضع للمنصور قلاوون، أخذ الرجل يطارد "الأشقر" حتى تمكن منه وساقه إلى السلطان في القاهرة.

ولما مات المنصور وآل الحكم إلى الأشرف خليل شكّه أحد الأمراء "دبوساً" أو "مهموزاً" عند السلطان الجديد، فأمر بإحضار "طرنطاي" وسجنه في القلعة ثم قرر خنقه.

قبلها حذر العديد من الأمراء المسكين "طرنطاي" من بطش الأشرف خليل ونصحوه بعدم التعاون معه، لكنه كان شديد الثقة في نفسه، فاستمر في التعاون حتى ساروا في جنازته!.

مشاهد عديدة عاشها الأهالي أيام المماليك شهدوا فيها أمراء وسلاطين يسيرون في جنازات ضحايا بطشهم وغدرهم، فقفز على لسانهم هذا المثل الخالد "يقتل القتيل ويمشي في جنازته" تعبيراً عن هذا الصنف من البشر الذي يغدر صاحبه ثم يجلس فوق جثته باكياً منتحباً، ويجمع صحبته بعدها ويسير في جنازته.

ومن حيث لا يدرون كان بعض الأهالي يجدون أنفسهم واقعين في المطب نفسه، حين يقدم أحدهم على التسبب في أذى غيره، ويبكي عليه بعدها.

تجد ذلك حاضراً على سبيل المثال في مشاهد رواية "دعاء الكروان"، حين أقام الخال مأتماً معتبراً لابنة شقيقته "هنادي" التي قتلها بيديه، جلست فيه النساء يندبن، فنظرت إليهن آمنة بسخط وسألتهم: تبكون علينا اليوم وأنتم الذين طردتمونا بالأمس وألقيتم بنا في الطريق لقمة سائغة في فم كل عابر سبيل؟.. كان لسان حالها يقول: يقتلوا القتيل ويمشوا في جنازته".

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ويمشي في جنازته ويمشي في جنازته



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:21 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

برشلونة يحتفل بذكرى تتويج ميسي بالكرة الذهبية عام 2010

GMT 11:32 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

دبي تهدي كريستيانو رونالدو رقم سيارة مميز

GMT 04:41 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الروسية تسمح بتغيير نظام اختبار لقاح "Sputnik V"

GMT 21:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من نيمار بعد قرعة دوري أبطال أوروبا

GMT 06:29 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حمادة هلال يهنئ مصطفي قمر علي افتتاح مطعمه الجديد

GMT 07:23 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الجمعة 16 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 14:35 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يعلن سلبية مسحة كورونا استعدادًا لمواجهة المقاصة

GMT 01:05 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الزمالك يقبل هدية الأهلي لتأمين الوصافة ويُطيح بحرس الحدود

GMT 15:44 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يبحث عن مدافعين لتدعيم صفوفه في الميركاتو الصيفي

GMT 07:13 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الإثنين 12 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 06:34 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حفل عقد قران هنادى مهنا وأحمد خالد صالح

GMT 15:02 2020 الأربعاء ,30 أيلول / سبتمبر

خيتافي وفالنسيا يتقاسمان صدارة الدوري الإسباني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon