توقيت القاهرة المحلي 04:56:23 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حالة «نكد»

  مصر اليوم -

حالة «نكد»

بقلم - د. محمود خليل

كلمة «نكد» وردت فى القرآن مرة واحدة، والله أعلم. وهى كلمة ملفتة، تلخص حالة إنسانية شديدة التركيب والتعقيد.

مؤكد أنك سمعت ذات مرة زوجة تصف زوجها بـ«النكدى»، أو زوجاً يصف زوجته بـ«النكدية»، وقد يستخدم الوصف خارج هذا السياق عند وصف الصديق أو الجار أو زميل العمل أو رئيسه وغير ذلك.

عندما ترتبك أوضاع الأفراد والمجتمعات فتحاصرهم الحوادث المفجعة، أو الجرائم الموجعة، أو تضطرب أمور معيشتهم، فعادة ما يصفون الحالة العامة بأنها «حالة نكد». انظر على سبيل المثال حال الناس وهم يتابعون الجرائم العجيبة التى شهدها الواقع منذ جريمة الإسماعيلية (نوفمبر 2021) التى قام فيها عاطل بقطع رقبة آخر وأخذ يتجول بها فى الشوارع وسط ذهول الناس، وجريمة قتل الفتاة نيرة أشرف على يد شاب فى عمرها (يونيو 2022) فى أحد شوارع المنصورة.

مرة واحدة وردت فيها كلمة «نكد» فى القرآن الكريم، لكنها كانت كافية جداً فى وصف الحال التى يمكن أن يصل إليها الفرد أو المجموع خلال فترات زمنية معينة. يقول الله تعالى «وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِى خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا». أغلب المفسرين ذهبوا إلى أن الآية الكريمة تصف أحوال الأفراد عند تلقى الهدى السماوى، فبعضهم يشبه الأرض الطيبة التى تستقبل المطر فتثمر وتورق وتخرج عطاءها للناس، وبعضهم مثل الأرض الخبيثة التى لا يؤثر فيها مطر ولا رعاية ولا تخرج فى النهاية إلا «النكد».

ظنى أن المعنى داخل الآية يرمى إلى الفرد وكذلك إلى المجموع الذى يعيش فى بلد معين. فكل بلد أرض وبشر، والحياة فى أبسط تعريفاتها هى علاقة بين البشر والأرض، يعيش البشر فوق ترابها ويأكلون منه ما دامت حياتهم، ثم يحتضنهم باطنها بعد الرحيل، وترتيباً على ذلك يمكن القول إن أجواء «الطيبة» أو «النكد» تعكس بالأساس حالة المجموع الذى يعيش فوق أرض يضمّها بلد معين. فإذا وجدت الفرح فى مجموع فأنت فى بلد «طيب»، وإذا لمحت النكد فى الأعين فأنت فى بلد متعب يعيش فيه بشر مرهقون.

الفرح أو النكد ليس مجرد إحساس يعانى منه الفرد، لأن كليهما يتمتع بسرعة انتشار محسوسة، وينتقلان بسهولة من فرد إلى فرد. والبسطاء من أبناء شعبنا الطيب يردّدون أن «الفرح يجر فرحاً» و«النكد يجر نكداً».

ولو أنك تأمّلت على سبيل المثال واقعة مقتل الفتاة «نيرة أشرف» -رحمها الله وألهم أسرتها الصبر- فسوف تجد أن الجانى «محمد عادل» كان يعيش «حالة نكد» مؤكد أن لها أسبابها، وظلت الحالة كامنة بداخله، حتى أتت لحظة انفلتت منه إلى الخارج ففعل فعلته، ليمتد حبل النكد من داخله إلى المحيط الخاص، ثم إلى المحيط العام الذى يعيش فيه، فتسبب فى حالة «نكد عام» ضربت الكثيرين، وقسمت المجموع فى ما بعد إلى فريقين، تبنى كل واحد منهما وجهة نظر معينة إزاء الواقعة، ومع اشتداد حالة الجدل تعمق الحزن داخل الجميع، وازدادت حالة النكد.

فماذا يا ترى السر فى هذه الحالة؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حالة «نكد» حالة «نكد»



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon