توقيت القاهرة المحلي 07:53:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قال يا وارث مين يورثك

  مصر اليوم -

قال يا وارث مين يورثك

بقلم: د. محمود خليل

ما أكثر ما تعرضت محمية مصر المحروسة في زمن المماليك لأوبئة فتكت بمن يعيش فوق ترابها، دون أن تفرق ما بين أمير مملوك وواحد من الأهالي من أولاد البلد.

الناس سواسية أمام أمرين: المرض والموت.

لا يوجد إنسان لم يبتل بمرض خلال مسيرة حياته، كما أن الجميع يقابل وجه ربه في الختام.كان الطاعون أكثر الأوبئة فتكاً بالمصريين، إذا دخل قرية لا يترك بيتاً من بيوتها إلا ويطرقه.

في زمن المماليك لم يكن نظام الحجر الصحي معروفاً، وحالة الطب في مصر شديدة التراجع، وبالتالي كان الوباء يجد مرتعاً خصباً، فمن ينج فبإرادة الله، ومن يهلك فبمشيئته أيضاً، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

عندما كان الطاعون يضرب المصريين كان الرجل يموت فيرثه ابنه ساعة من نهار، ثم يموت الابن فيجدّون في البحث عن ورثته، وعندما لا يجدون وريثاً للمال يدفعون به إلى بيت المال. يومها أبدع المصريون مثل: "يا وارث مين يورثك".

لم يكن الطاعون هو الوباء الوحيد الذي يضرب أبناء البر، فبعد أن تراجع وقلت ضرباته، ظهرت الكوليرا، وأخذت تحصد الأرواح في القرى، وقد سجل عميد الأدب العربي طه حسين بعضاً من مشاهد هذا الوباء وهو يحكي سيرة حياته في كتاب الأيام، وقد راح أخوه في أحد الضربات، وهو شاب في مقتبل عمره وطالب في مدرسة الطب.

مشاهد شبيهة عديدة تجدها حاضرة في الأفلام السينمائية وهي تصف أحداث الحياة في مصر أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، مثل فيلم الزوجة الثانية.ضرب الطاعون مصر عام 1791، وساءت أحوال الناس، وهدهم الجوع والمرض وارتجفت قلوبهم وارتعدت فرائصهم وهم يرون مشاهد الموت محيطة بهم في كل مكان.يقول "الجبرتي" في "عجائب الآثار": "لم يبق للناس شغل إلا الموت وأسبابه فلا تجد إلا مريضاً، أو ميتاً، أو معزياً، أو مشيعاً، أو راجعاً من صلاة جنازة أو دفن، أو مشغولاً في تجهيز ميت، أو باكياً على نفسه موهوماً". الحزن كان عميماً، ومن لم يمت بالطاعون مات بالجوع.

ولو أنك فتشت في زوايا ما يحكيه الجبرتي عن أي دور لواحد من أكثر أهل القاهرة ثراءاً في ذلك الوقت، وهو شهبندر التجار "الخواجا أحمد"، خلال "طاعون 1791"، فلن تظفر بحرف واحد، لا يذكر "الجبرتي" أن الشهبندر تبرع من ماله لأحد، أو واسى ببعضه جائعاً، أو مفجوعاً في أب أو أم أو ولد.

لم يكن شهبندر التجار يتصور أن يموت بالطاعون كما يموت الفقراء.

فمثله كمثل غيره من أصحاب المال والأعمال ممن "يحسب أن ماله أخلده"، لكن المقدور وقع والمحذور أتى، فأصيب "الخواجا أحمد" بالطاعون ومات به في شهر شعبان 1205 هجرية.

وجاء وقتها تلميذه وربيب نعمته السيد "أحمد المحروقي"، فاستولى –كما يحكي "الجبرتي"- على أموال الخواجا وبضائعه وحواصله وسكن داره وتزوج بزوجاته.وقال يا وارث مين يورثك.  

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قال يا وارث مين يورثك قال يا وارث مين يورثك



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:21 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

برشلونة يحتفل بذكرى تتويج ميسي بالكرة الذهبية عام 2010

GMT 11:32 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

دبي تهدي كريستيانو رونالدو رقم سيارة مميز

GMT 04:41 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الروسية تسمح بتغيير نظام اختبار لقاح "Sputnik V"

GMT 21:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من نيمار بعد قرعة دوري أبطال أوروبا

GMT 06:29 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حمادة هلال يهنئ مصطفي قمر علي افتتاح مطعمه الجديد

GMT 07:23 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الجمعة 16 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 14:35 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يعلن سلبية مسحة كورونا استعدادًا لمواجهة المقاصة

GMT 01:05 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الزمالك يقبل هدية الأهلي لتأمين الوصافة ويُطيح بحرس الحدود

GMT 15:44 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يبحث عن مدافعين لتدعيم صفوفه في الميركاتو الصيفي

GMT 07:13 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الإثنين 12 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 06:34 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حفل عقد قران هنادى مهنا وأحمد خالد صالح

GMT 15:02 2020 الأربعاء ,30 أيلول / سبتمبر

خيتافي وفالنسيا يتقاسمان صدارة الدوري الإسباني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon