توقيت القاهرة المحلي 16:13:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قال يا وارث مين يورثك

  مصر اليوم -

قال يا وارث مين يورثك

بقلم: د. محمود خليل

ما أكثر ما تعرضت محمية مصر المحروسة في زمن المماليك لأوبئة فتكت بمن يعيش فوق ترابها، دون أن تفرق ما بين أمير مملوك وواحد من الأهالي من أولاد البلد.

الناس سواسية أمام أمرين: المرض والموت.

لا يوجد إنسان لم يبتل بمرض خلال مسيرة حياته، كما أن الجميع يقابل وجه ربه في الختام.كان الطاعون أكثر الأوبئة فتكاً بالمصريين، إذا دخل قرية لا يترك بيتاً من بيوتها إلا ويطرقه.

في زمن المماليك لم يكن نظام الحجر الصحي معروفاً، وحالة الطب في مصر شديدة التراجع، وبالتالي كان الوباء يجد مرتعاً خصباً، فمن ينج فبإرادة الله، ومن يهلك فبمشيئته أيضاً، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

عندما كان الطاعون يضرب المصريين كان الرجل يموت فيرثه ابنه ساعة من نهار، ثم يموت الابن فيجدّون في البحث عن ورثته، وعندما لا يجدون وريثاً للمال يدفعون به إلى بيت المال. يومها أبدع المصريون مثل: "يا وارث مين يورثك".

لم يكن الطاعون هو الوباء الوحيد الذي يضرب أبناء البر، فبعد أن تراجع وقلت ضرباته، ظهرت الكوليرا، وأخذت تحصد الأرواح في القرى، وقد سجل عميد الأدب العربي طه حسين بعضاً من مشاهد هذا الوباء وهو يحكي سيرة حياته في كتاب الأيام، وقد راح أخوه في أحد الضربات، وهو شاب في مقتبل عمره وطالب في مدرسة الطب.

مشاهد شبيهة عديدة تجدها حاضرة في الأفلام السينمائية وهي تصف أحداث الحياة في مصر أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، مثل فيلم الزوجة الثانية.ضرب الطاعون مصر عام 1791، وساءت أحوال الناس، وهدهم الجوع والمرض وارتجفت قلوبهم وارتعدت فرائصهم وهم يرون مشاهد الموت محيطة بهم في كل مكان.يقول "الجبرتي" في "عجائب الآثار": "لم يبق للناس شغل إلا الموت وأسبابه فلا تجد إلا مريضاً، أو ميتاً، أو معزياً، أو مشيعاً، أو راجعاً من صلاة جنازة أو دفن، أو مشغولاً في تجهيز ميت، أو باكياً على نفسه موهوماً". الحزن كان عميماً، ومن لم يمت بالطاعون مات بالجوع.

ولو أنك فتشت في زوايا ما يحكيه الجبرتي عن أي دور لواحد من أكثر أهل القاهرة ثراءاً في ذلك الوقت، وهو شهبندر التجار "الخواجا أحمد"، خلال "طاعون 1791"، فلن تظفر بحرف واحد، لا يذكر "الجبرتي" أن الشهبندر تبرع من ماله لأحد، أو واسى ببعضه جائعاً، أو مفجوعاً في أب أو أم أو ولد.

لم يكن شهبندر التجار يتصور أن يموت بالطاعون كما يموت الفقراء.

فمثله كمثل غيره من أصحاب المال والأعمال ممن "يحسب أن ماله أخلده"، لكن المقدور وقع والمحذور أتى، فأصيب "الخواجا أحمد" بالطاعون ومات به في شهر شعبان 1205 هجرية.

وجاء وقتها تلميذه وربيب نعمته السيد "أحمد المحروقي"، فاستولى –كما يحكي "الجبرتي"- على أموال الخواجا وبضائعه وحواصله وسكن داره وتزوج بزوجاته.وقال يا وارث مين يورثك.  

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قال يا وارث مين يورثك قال يا وارث مين يورثك



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon