توقيت القاهرة المحلي 00:47:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الدين والغناء و«الإنسان»

  مصر اليوم -

الدين والغناء و«الإنسان»

بقلم - د. محمود خليل

هل ثمة علاقة بين محتوى الأغانى الدينية التى أنتجت خلال الحقب السابقة وثنائية العقل النقدى أو التسليمى؟

ثمة روائع غنائية دينية يحتشد بها تراثنا الموسيقى الممتد على مدار العقود الماضية. بعض هذه الأغانى مثّل تطويراً لفنون الذكر والتواشيح الدينية التى أبدع فيها رواد لا تخفى أسماؤهم، مثل: محمود صبح وعلى محمود وأحمد ندا وغيرهم، ويقع محتواها فى الأغلب فى سياق المدح النبوى أو الدعاء لله والاستغاثة به جل وعلا.

أبدع أمير الشعراء أحمد شوقى أيضاً فيما قدمه من محتوى اشتملت عليه قصائده الدينية المغناة، وهى فى أغلبها تقدم تعبيراً صادقاً وأميناً عن شخصية النبى صلى الله عليه وسلم، وبعض مفاهيم الإسلام، طبقاً لما وعاه الشاعر الكبير.

أغلب المحتوى الغنائى الدينى أخذ من التراث الشعرى العربى القديم، وعبر أيضاً عما يسكن كتب التراث من معانٍ، وقليلاً ما اهتم بتتبع خط الصلة بين الإنسان ومعطيات الوجود الذى يعيش فيه، أو خط التواصل بين أشجان روح الإنسان الضعيف الساكن على الأرض ومالك الملك والملكوت.

تأمل على سبيل المثال الأدعية الدينية التى أبدعتها قريحة عبدالفتاح مصطفى وما تتوقف أمامه من مشاهد دنيوية تحرض الإنسان على التفكير فى إبداع الخالق العظيم، راجع ما يحمله دعاء «ع التوتة والساقية» أو «ورق الشجر صفحات» أو «نفضت عينيه المنام» أو «أنا من تراب»، وستجد فيها الإبداع الرائع المحرض للعقل على التفكير وليس مجرد التسليم الإيمانى الآلى.

لست أدرى هل تتفق أو تختلف معى فى أن أروع قصيدتين دينيتين تجاوزتا فكرة تلقين القيم الإيمانية إلى تحريض العقل على التفكير هما قصيدتان مترجمتان عن شاعرين غير عرب، ولا يعرفان العربية فى الأصل، أولهما «عمر الخيام» الفارسى صاحب قصيدة «الرباعيات»، وثانيهما الباكستانى «محمد إقبال» صاحب قصيدة «حديث الروح».

موضوع القصيدتين هو الإنسان، فى «الرباعيات» تجد الإنسان بضعفه واندفاعه وراء نزواته، ولحظات الحكمة التى تجتاحه من حين إلى آخر، ورجوعه فى نهاية المطاف إلى خالقه، وثقته المؤمنة فى رحمته سبحانه وتعالى، فأين سيذهب الإنسان الذى يمثل مجرد ذرة من ذرات الملكوت من مالك الملك والملكوت «إن تفصل القطرة من بحرها ففى مداه منتهى أمرها».

وفى «حديث الروح» تجد روحاً سابحة فى فضاء الله تبث شكواها ونجواها إلى الكون المحيط بها، تستمع إلى همس النجوم الناعمة بالقرب من الملك والملكوت، روح امتلأت نغماتها بالشجن وانفجرت دموعها فيضاناً.. إنها قصة الأشجان.. أشجان الروح الواثقة فى أنه «إذا الإيمان إذا ضاع فلا أمان».

فارق كبير بين المعانى المكررة المحفوظة التى تعيد وتزيد فى المعانى الموروثة، والأخرى المبتكرة التى تعكس عمقاً فلسفياً مدهشاً، حين جعلت من الإيمان «إنساناً» يذوب فى ملذات الأرض فى أحيان، ويعانق السماء فى أخرى، يعرف الفرحة والبهجة كما يعرف الشجن والأمل، يتأمل فى صور الحياة ويندمج فيها، آملاً فى ربه الرحيم الغنى عن عذابه.

السؤال: لماذا غابت روح التحريض على التفكير عن بعض الأغانى التى كتبها شعراء يجيدون العربية وحضرت بقوة وعمق لدى «الخيام» فى فارس.. و«إقبال» فى باكستان؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدين والغناء و«الإنسان» الدين والغناء و«الإنسان»



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
  مصر اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon