توقيت القاهرة المحلي 05:58:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«وَيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا»

  مصر اليوم -

«وَيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا»

بقلم - د. محمود خليل

آية كريمة فى القرآن الكريم تكشف لك عن صنف من البشر ما أكثر ما تجد نماذجه تتسكع من حولك، يقول الله تعالى فيها: «لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ».

يذهب المفسرون إلى أن هذه الآية من سورة «آل عمران» تصف حال المنافقين الذين كانوا يتخلفون عن مصاحبة النبى، صلى الله عليه وسلم، فى غزواته، وما إن يعد منها حتى يتقدموا إليه بالاعتذارات، حتى يحمد ويشكر الناس فى مواقفهم.

معادلة تحقيق الأشياء من لا شىء تروق لمن تربوا على خصال النفاق. وهذا الصنف من البشر لا يمتلك القدرات التى تؤهله لتحقيق إنجازات معينة، أو لا يملك الإرادة التى تحركه نحو السعى، لكنه طامع فى الحياة أشد الطمع ويريد أن يقبض بيديه على كل شىء.

المسألة ترتبط بالرغبة فى الاستحواذ على نعم الحياة، بغض النظر عن مستوى الاستحقاق لها.

بعض المشاهير فى الماضى والحاضر حازوا شهرتهم بأشياء لم يفعلوها بأيديهم، بل استغلوا فيها جهد غيرهم والتهموه بأبخس الأثمان، ليحولوه بعد ذلك إلى أكاليل من الغار توضع فوق رؤوسهم، وليسمعوا مواويل المدح التى تتحدث عن قدراتهم العبقرية وأفكارهم اللوذعية، التى لا يستحقون حرفاً منها.

يظل هؤلاء سادرين فى محبة أن يحمدوا بأشياء لم يفعلوها ويفرحون بما حصدوه من جهد غيرهم، ويظنون بمرور الوقت أنهم أتوه بأيديهم. وكذلك الإنسان الذى يجيد الكذب على نفسه، إنه يظل يكذب حتى يصدق نفسه فى النهاية.

هناك آية أخرى فى القرآن الكريم تقول: «أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً»، وهى تعبر عن تلك الحالة بالضبط، الحالة التى يبالغ فيها الإنسان فى الكذب على نفسه حتى يصدقها. الشخص فى هذه الحالة يعمل العمل السيئ، لكن الشيطان يزينه له، ويخدعه بصرياً ليرى السيئ حسناً، والقبيح جميلاً، والجنون عقلاً. نقطة التزيين تلك هى النقطة التى تكتمل عندها دائرة الكذب على النفس حتى تلف صاحبها من جميع الأنحاء، ويبيت مستسلماً لهذه الحالة كل الاستسلام.

الحياة مليئة بالفرص، لكنها فى المقابل تحتشد بالتحديات التى يمكن أن تواجه من يغتنم الفرصة بغير وجه حق فتعرّى أوضاعه أمام الناس.

زمان كان أنور السادات يقول إن الإنسان يجب ألا يبالغ فى أحلامه لأنها قد تتحقّق، وهو لا يعلم حين تتحقق هل سيكون أهلاً لحمل مسئولياتها أم لا. يظن البعض أن المكانة وحدها تفرض على المحيطين بهم ضرورة أن يكيلوا لهم المديح حتى لو لم يفعلوا شيئاً. ومثل هؤلاء كمثل عبدالله بن أبى بن سلول، رأس النفاق فى المدينة المنورة، حين ظن أن المكانة التى تمتع بها هو والمنافقون قبل هجرة النبى كافية كل الكفاية لتدفع الناس إلى أن يحمدوا لهم قعودهم وكسلهم عن السعى، لمجرد أنهم أصحاب مكانة، إنها حالة من حالات الخداع والكذب على النفس لا بد أن تطبل فى النهاية فوق رأس صاحبها، وذلك ما حدث مع المنافقين بالضبط.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«وَيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا» «وَيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا»



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon