توقيت القاهرة المحلي 02:14:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خداع «السماء»

  مصر اليوم -

خداع «السماء»

بقلم - د. محمود خليل

عندما تصبح النفس مسكونة بالخبث، فإن صاحبها يميل بشكل كامل إلى منهجيات الرداءة ويستند إليها فى إدارة حياته.المال وهو أهم أداة من أدوات الحياة كان محلاً للتصنيف طبقاً لثنائية الطيب والخبيث داخل القرآن الكريم، من خلال قوله تعالى: «وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا»، وقال تعالى: «وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ».شيوع المال الخبيث داخل أى مجتمع من المجتمعات يؤدى إلى سيطرة حالة من «النكد العام» عليه. والمال الخبيث هو المال الذى يحصل عليه الفرد بغير حقه (الجهد الذى توجب بذله للحصول عليه)، أو دون أن يكون له حق فيه (مثل السطو على ميراث الغير). فالمال الطيب يجمع بالجهد والعرق، أما الخبيث فيجمع بالطرق الفاسدة الملتوية، وهى أكثر من أن تحصى فى هذا الزمان، وهى تبدأ بأشكال الاحتيال على الآخرين وتنتهى عند السطو على مال الناس ونهبها ولو بالقوة.أمامك نموذج واضح لجمع المال عن طريق الاحتيال عشناه ولم نزل خلال السنوات الأخيرة، هو نموذج «المستريحين» و«المستريحات». فالمال هنا يتم جمعه عن طريق النصب وتعشيم من يسيل لعابهم على المكسب السريع السهل فى الأرباح الكبيرة. إنها ثنائية المحتال والطماع، المحتال يلعب على طمع الطماع، أما الطماع فلا يهمه فى يد من سيقع هذا المال وهل سيتم استثماره فى مسارات مشروعة أم غير مشروعة؟لك أن تحسب عدد الأسر التى «نكّد» عليها المستريحون والمستريحات طيلة العقود الماضية، تحديداً منذ مطلع الثمانينات وحتى اللحظة التى نعيشها.ألعاب النصب تتباين، وأشكالها وكذلك لاعبوها يتنوعون داخل المجتمعات المعاصرة، بدءاً من المتسول الذى ينصب بأوجاع الأرض أو دعوات السماء، ومروراً بالمواطن الذى يأخذ الشىء ولا يدفع ثمنه، وانتهاء بالنصابين على واسع. والصبر دائماً على النصبة الأولى لأن ما بعدها أسهل بكثير مما قبلها، حين تتنحس النفس ويجمد القلب.تتفاقم المشكلة حين يمسى أصحاب المال الخبيث نماذج شاخصة أمام أفراد تربوا فى كهوف الخبث، فيعتبرون أن جمع المال من أى طريق كان وبأى طريقة كانت هو الأسلوب الواجب اتباعه فى الحياة. فظهور الفاسدين يبرر الفساد لغيرهم، ممن ضعفت أو خبثت نفوسهم، وإذا نجح بعضهم فى ذلك انضموا إلى كتيبة «المنكودين»، وإذا فشلوا فإنهم يقعون أيضاً فى حضن النكد والمناكيد.تعبير دقيق وعميق تجده فى الآية الكريمة التى تقول: «ولا تيمموا الخبيث». الله تعالى ينهى عن أن يجعل الإنسان المال الخبيث قبلته التى يوجه وجهه شطرها، وبعد أن يجمعه يلعب لعبة لطيفة مع السماء فينفق ويتصدق منه من أجل غسله، وعياً منه بعدم مشروعية مصدره. ومن «نكد الدنيا» على من يفكر بهذه الطريقة أن يتصور أن بإمكانه أن يخادع السماء، كما استطاع أن يخدع أهل الأرض الذين يعيش بينهم. النكد فى هذه الحالة يصبح مركباً من عنصرين: عنصر المال الخبيث، وعنصر الوهم بإمكانية غسل المال فى السماء!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خداع «السماء» خداع «السماء»



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon