توقيت القاهرة المحلي 20:18:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بائع «البطيخ»

  مصر اليوم -

بائع «البطيخ»

بقلم: د. محمود خليل

مصطفى كاشف من أشهر المحتسبين الذين ذاع صيتهم أيام محمد على والى مصر.

وقد نبعت شهرته من الأساليب العجيبة التى اعتمدها فى معاقبة التجار الذين يبيعون سلعهم بأكثر من ثمنها، أو ينصبون فى الميزان.

ونادراً ما كان يفلت منه أى تاجر أو بائع يقع فى واحد من هذين الجرمين.

مرة واحدة أفلت فيها رجل من براثن عقابه، وكان السر فى ذلك أنه أضحك مصطفى كاشف، الرجل صاحب الوجه الخشبى الذى لم يره التجار أو البائعون ضاحكاً فى ليل أو نهار.بطل القصة بائع بطيخ عجوز، توكل على الله ذات صباح، وذهب إلى واحد من تجار البطيخ، واشترى منه حملاً وضعه على عدد من الحمير، ثم قصد السوق ليبيع ويربح قوت يومه.

وبينما كان العجوز يسير فى الطريق إذا بجلبة وخيول تثير الغبار، توقف الرجل عن السير، وانجلى الغبار عن مصطفى كاشف بشحمه ولحمه وحوله فرقة من الخدم والمساعدين.أمر المحتسب العجوز بالتوقف، فوقف الأخير مذعوراً، أخذ «كاشف» يجول بنظره على البطيخ الذى تراص على موكب الحمير، وأبصرت عيناه بطيخة ضخمة، تزهو بحجمها بين نظرائها من البطيخات المتراصة، فأشار بأصبعه إليها، ثم خاطب العجوز قائلاً: «كم سعر هذه البطيخة؟».

فأشار العجوز إلى شحمة أذنه بإبهامه وأصبعه المجاور له، ورد عليه قائلاً: «اقطعها يا سيدى».

وعاد مصطفى كاشف إلى السؤال، والرجل يجيب بالطريقة نفسها، كرر المحتسب السؤال مرات، ولم يظفر بجديد.رغم غضبه من الحوار غير المجدى مع العجوز فإن المحتسب لم يملك نفسه فانخرط فى نوبة ضحك طويلة حتى دمعت عيناه.

ولما هدأ سأل العجوز: يا رجل.. هل أنت مجنون أم أطرش؟.

فأجابه العجوز: لا والله لست بمجنون ولا أطرش، لكننى أعرف أننى لو قلت لك إن البطيخة بعشر فضات لأمرت بقطع أذنى، ولو قلت إن السعر هو خمس فضات أو فضة واحدة لأمرت أيضاً بقطعها، لذلك اقطع لى شحمة أذنى على الفور ودعنى أمضى إلى حال سبيلى.

لم يملك المحتسب نفسه من الضحك على العجوز الذى سخر من ميل المحتسب إلى أخذ الناس بالشبهة، وأساليبه العجيبة فى عقابهم، لكن الضحكات التى تعالت استطاعت أن تنجيه من العقاب الذى توقعه بقطع شحمة أذنه، وتركه المحتسب يمضى إلى السوق ليبيع ويربح رزقه ورزق من يعول.

تجار وبائعو ذلك الزمان خافوا أكثر ما خافوا من حملات المحتسب الذى لم يكن يدخل سوقاً ليفتش فيه عن الأسعار والمكاييل دون أن يخرج بمن يفترسه ممن يغالون فى الأسعار أو يغشون فى الميزان.

وقد بلغ الأمر ببعض المحتسبين حد حمل ميزان دقيق يدخلون به على البائع من هؤلاء، ويراجعون عليه دقة ميزانه، بل وكانوا يستوقفون من يحمل أى سلعة فى يده، ويسألونه عن وزنها وسعرها، فإذا بان فى السعر مبالغة أو فى الوزن غش عادوا به إلى من اشترى منه وعاقبوه.كان زماناً عجيباً فى أحواله، لكنه كان منضبطاً.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بائع «البطيخ» بائع «البطيخ»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 13:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 12:19 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تحصد 31 ميدالية متنوعة مع ختام بطولتي الرماية

GMT 13:55 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الهلال يستضيف الزمالك في ليلة السوبر السعودي المصري

GMT 06:08 2024 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

عطور نسائية تحتوي على العود

GMT 08:19 2022 الأحد ,25 كانون الأول / ديسمبر

أزمة الطاقة وسيناريوهات المستقبل

GMT 19:18 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الطرق الصحيحة لتنظيف الأثاث الجلد

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon