توقيت القاهرة المحلي 07:01:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

في مقام «السكينة»

  مصر اليوم -

في مقام «السكينة»

بقلم - د. محمود خليل

إذا كان أهالى حى الخليفة والصليبة والخضيرى ومراسينا يلتمسون المدد عند مقام السيدة زينب بنت علىّ، فإنهم يلتمسون السكينة عند مقام السيدة سكينة بنت الحسين بحى «الخليفة». والأرجح أن السيدة الجليلة وفدت إلى مصر مع عمتها «السيدة زينب» وشقيقتها فاطمة، حين أراد يزيد بن معاوية إبعاد أهل البيت عن المدينة حتى لا يذكروا الناس بما ارتكبه فى حق الحسين وأهل بيت النبى، فاختارت العمة الجليلة مصر، ورحلت إليها مع بنات شقيقها الشهيد.

للإيمان «سكينة» وللجمال سكينته أيضاً. وقد جمعت السيدة سكينة بين الحسنيين، فجرى فى عروقها نهر الإيمان الذى ينبع من روافد عديدة تبدأ من النبى صلى الله عليه وسلم، ثم الجد علىّ والجدة فاطمة ثم الأب الحسين ثم العم الحسن. أما أمها فهى الرباب ابنة امرئ القيس الكندى ملك «بنى كلب»، ومنها اكتسبت السيدة سكينة جمال وشموخ الأميرات. وكان الحسين شديد الحب لزوجته «الرباب» والفتاة الرقيقة التى أنجبها منها «السيدة سكينة» وكان ينشد الشعر الذى يعبر فيه عن حبه لدار «تكون بها سكينة والرباب»، كما يسجل صاحب كتاب «مراقد أهل البيت فى القاهرة».

تمتعت السيدة سكينة بحكمة عميقة تجلت بأروع صورها فى قدرتها على وزن الناس من حولها بميزان دقيق (موضوعاً ولغة)، فعندما عامل يزيد بن معاوية نساء أهل البيت بما يتوجب عليه من إجلال وإكرام، قالت فيه قولتها العجيبة: «ما رأيت كافراً بالله خيراً من يزيد بن معاوية». هذه العبارة أوردها «ابن الأثير» فى «الكامل فى التاريخ»، وظهرت أيضاً داخل العديد من النصوص التراثية الأخرى، وهى شديدة الدلالة على شخصية السيدة سكينة رضى الله عنها، فرغم تكفيرها ليزيد، بسبب المذبحة المروعة التى قتل خلالها أهل بيت النبى فى كربلاء، إلا أنها امتدحته ووجدت فيه «خير كافر»، لما أجزل فى العطاء لها وأكرمها ونساء أهل البيت، بعد أن قتل عميد الأسرة «الحسين بن على».

كانت رضى الله عنها شخصية محبة للحياة، أبهرت مَن حولها بإيمانها وفرط حكمتها، وبما حباها الله تعالى من جمال صورة، جعلت الكثير من التابعين يهفون إلى الزواج منها. كان مصعب بن الزبير أول من تزوجها، وكان مبهوراً بجمالها ويتمنى الزواج منها، إلى حد أنه كان يصلى ويدعو فى حجر إبراهيم بأن ييسر له الله الزواج من سكينة بنت الحسين، واستجاب الله لدعائه.

يتفق المصريون على أن السيدة سكينة ماتت فى مصر ودُفنت فى مشهدها الشهير بحى الخليفة بالقرب من مسجد السيدة نفيسة، ويستدلون على ذلك بما ذكره «الشعرانى» فى طبقاته، حين أشار وهو يحدد أبناء الحسين إلى: «وكان له من الأولاد خمسة: علىّ الأكبر وعلىّ الأصغر وله العقب فإن الأشراف الآن منه، وجعفر وفاطمة وسكينة المدفونة بالمراغة بقرب السيدة نفيسة».

تربَّعت السيدة سكينة فى قلوب من يعيشون فى حى الخليفة والصليبة وما حولهما، وبات ضريحها مزاراً لأهل المنطقة وزوارها، يعيشون فى ظلاله عبق المعانى التى ترجمها اسم وسيرة السيدة سكينة من طمأنينة وهدوء وسكن ورضا بأقدار الخالق العظيم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في مقام «السكينة» في مقام «السكينة»



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon