توقيت القاهرة المحلي 20:46:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مكلمة الكورة

  مصر اليوم -

مكلمة الكورة

بقلم :د. محمود خليل

أتعجب كثيراً من الساعات الطوال التى يتم تخصيصها قبل وبعد مباريات الدورى المصرى الذى انتهى يوم الجمعة الماضى.

ذات مرة ألقيت سمعى وبصرى إلى أحدهم وهو يحلل -دون قيد أو شرط على الوقت- لعبة معينة للاعب أضاع فيها هدفاً لفريقه، شرع المحلل يتحدث عن وضعية الجسد حين استقبل اللاعب الكرة، ومستوى الخطأ فيها، وأن اللاعب كان عليه أن يهيئ نفسه وهو يستقبل الكرة بالطريقة الفلانية، ثم تساءل عن موضع القدم الأجدى فى التصويب فى مثل هذه الحالة.. وهل هو مشط القدم أم باطن الرجل؟ ومنه انتقل إلى حارس المرمى وأفاض فى الحديث عن أدائه فى التصدى للكرة، وكيف أنه توقع التسديدة بذكاء وذهب إليها، حيث أتت وكذا وكذا.

لم يكن زمن اللعبة يزيد على ثوانٍ معدودات، لكن تحليلها استغرق من الضيف وكذا ضيوف الاستوديو ما لا يقل عن 15 دقيقة.

تتعجّب أكثر وأ نت تلاحظ أن أغلب هؤلاء المحللين لاعبون سابقون كان فيهم مميزات وعيوب لاعبى اليوم، أو مدربون سابقون يعتبون على مدربى الفرق حالياً أسلوبهم فى إدارة المباريات، رغم أنهم كانوا يقعون فى أخطائهم فى الماضى، كما سمعت أحد المدربين الحاليين يصرخ فى وجه مدرب سابق سلقه بلسان حاد. المسألة لم تعد مقصورة على الاستوديوهات التحليلية على القنوات التليفزيونية، فهناك طابور طويل عريض من اليوتيوبرز الذين يغرقون أيضاً فى وصف مهارات وإمكانيات هذا اللاعب أو ذاك، وكيف يجيد اللعب باليمنى وباليسرى وبالرأس، والإضافة التى يقدمها للفريق الذى يلعب فيه، ولا يفوت عليهم فى هذا المقام شاردة أو واردة، فكل شىء مرصود بدقة.

نحن شعب يحب الكرة، مثلنا فى ذلك مثل كل شعوب العالم، لكننى لا أظن أن محلليهم يستغرقون كل هذا الوقت فى تحليل لعبة فى مباراة، أو يخصّصون ساعات طوالاً لمناقشة المباراة قبل بدئها وعقب انتهائها كما نفعل.

الكرة لعبة مسلية، ومشاهدة مبارياتها تنطوى على متعة كبيرة، ويكفى هذا جداً، لكن الاستغراق والتطويل فى التحليلات، والغرق فى كتابة البوستات الكيدية بين جمهور هذا الفريق وذاك، والتعصب الذى يتجاوز حدود المعقول، يعكس حالة من حالات التناول غير المنطقى لجانب من جوانب الحياة.

تخيل على سبيل المثال، لو انشغل المحللون لدينا بقضايا السياسة والاقتصاد والأسرة والفكر والمجتمع والتنمية والتطوير، وبذلوا فيها الجهد وخصّصوا لها نسبة 10% فقط من الوقت الذى يخصّص لتحليل مباريات الكرة.. كيف سيكون حالنا؟ لست أقصد من حديثى هذا أن يتحول المجتمع إلى «مكلمة» كما يحدث فى عالم الكرة، لكننى أقصد التفكير المركز الإيجابى الذى يضع حلولاً واقعية وعملية لمشكلاتنا، فالأداء الناجح يرتكن إلى التخطيط، والتخطيط أساسه الوعى بأبعاد المشكلة وتطوراتها.

زمان كان الشعب المصرى يوصف بأنه «يفطر فول.. ويتغدى كورة.. ويتعشى أم كلثوم» ولا يفعل شيئاً آخر بعد ذلك، هذه الجملة كانت تتردد كثيراً على ألسنة المصريين بعد نكسة 1967، وكانت تعكس جانباً من أزمتنا، ويوم أن واجهنا أنفسنا بها تمكنا من صنع المستحيل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مكلمة الكورة مكلمة الكورة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon