توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«التسول» اللا إرادي

  مصر اليوم -

«التسول» اللا إرادي

بقلم :د. محمود خليل

يشكو كثيرون من انتشار ظاهرة «التسول» بشكل يفوق الوصف هذه الأيام. الشكوى لها وجاهتها إلى حد كبير إذا تجولت بناظريك فى أى شارع، أو عدت إلى البيت وجلست أمام شاشة التليفزيون تتابع الإعلانات التى تدعو إلى التبرع للجمعيات الخيرية، والإعلانات الخاصة بمصارف دفع الزكاة وغير ذلك.

الفقر حالة إنسانية، أما التسول فمهنة احترافية. الفقر موجود فى كل زمان ومكان، كان كذلك وسيبقى دائماً، وفى الحالة الإنسانية الطبيعية لا يُستخدم الفقر كوسيلة للتسول، وينطبق على من يعيش هذه الحالة ويترفع عن السقوط فى وهدة استغلالها قول الخالق العظيم: «لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحْصِرُواْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِى الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا».. أما المتسول المحترف فغير ذلك، فهو يؤدى وظيفة تروج فى سياقات معينة.

ترتبط السياقات التى تروج فيها مهنة المتسول المحترف بظهور فئات متنوعة من الناس، أولهم فئة «الباحثين عن الغسيل». فيحدث فى بعض الأحوال أن يجد بعض الأفراد أنفسهم وقد حققوا ثروات طائلة وتضاعفت دخولهم بصورة غير متوقعة، لا عن مواهب فيهم، قدر ما هى خبطات حظ أو ارتباك واقع، أمثال هؤلاء ينتابهم فى بعض الأحوال إحساس بأن «فلوسهم ليست بريئة من ذنب» فيميلون على غيرهم، دون تفرقة بين المتعففين المحتاجين والمتسولين المحترفين، كنوع من «غسيل الفلوس» لترضى عنها السماء وتحل عليها البركة!.

ثمة فئة أخرى من البشر دهستها ظروف الحياة، وضغطتها الأوضاع المعيشية، بصورة جعلتها شديدة الحساسية لأى شخص يطلب منها المعونة أو المساعدة، فتجدها تعطيه قدر طاقتها بلا تردد، ودون بحث هل يستحق هذا الشخص أم لا؟ والناس داخل هذه الفئة أكثر عدداً وانتشاراً مقارنة بأصحاب الفلوس الكثيرة «غير البريئة».

فئة ثالثة أيضاً تلعب دوراً فى تغذية ظاهرة التسول، وهى فئة «المنافقين للسماء أو للأرض». فقد يبلغ التغفيل ببعض الأشخاص مبلغه حتى يظنوا أن بإمكانهم خداع السماء أو الضحك عليها، من خلال إلقاء الصدقات لدى أقرب عابر سبيل يطلبها «وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ»، أما نفاق أهل الأرض عن طريق الدفع فمسألة لا تحتاج إلى شرح أو تفصيل.

الإسلام الحنيف حث على الإنفاق ودعا المؤمنين إلى عدم الشح والعطاء من فضل الله تعالى عليهم، والأفضل للإنسان أن يحتكم إلى قاعدة التكافل وهو يعطى. فالأقربون أولى بالمعروف، ولو فكر أفراد كل عائلة بهذه الطريقة وحققوا نوعاً من التكافل بين من فتح الله عليهم ومن ضاقت بهم الظروف لاعتدلت موازين كثيرة معوجة فى حياتنا، يقول الله تعالى «وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِى كِتَابِ اللَّهِ». فذلك خير من إلقاء المال للمتسولين المحترفين، أو نفاق أهل الأرض، أو نفاق السماء.

علينا أن نستوعب أيضاً أن العطاء أشكال وألوان، وهو ليس مغلقاً على العطاء المالى وفقط، فأن تعلّم إنساناً مهنة أو حرفة فذلك عطاء، وأن تنصحه نصيحة طيبة تصلح من حاله فذلك عطاء.. وقِس على ذلك.

تغيير الفكر هو الأساس فى تغيير الواقع.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«التسول» اللا إرادي «التسول» اللا إرادي



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon