توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ساعات الخطر

  مصر اليوم -

ساعات الخطر

بقلم: د. محمود خليل

عندما يواجه الكثير من المصريين خطراً يمسون شديدى الذاتية، لا يفكرون إلا فى أنفسهم، ولا يبحثون إلا عن نجاتهم الشخصية، بغض النظر عمن حولهم، حتى ولو كانوا أقرب الأقربين.ثمة أمثال شعبية عديدة تعبر عن هذا المعنى بصورة شديدة القسوة.

منها على سبيل المثال: «أنا ومن بعدى الطوفان».

فالمهم أن ينفد البنى آدم بنفسه وليغرق الطوفان الآخرين من بعده.. وبمناسبة «الطوفان» هناك مثل آخر يقول: «إن جاك الطوفان.. حط ابنك تحت رجليك وعدّى».. والمعنى فيه موغل فى القسوة، فليس أعز على الإنسان من أبنائه فلذات كبده.

قد يقول قائل إن هذا الكلام يأتى من وراء القلب، ولا يصدق فى الواقع فالمسألة ليست كذلك، فالإنسان وقت الخطر قد يستنفر بدرجة أكبر من أحواله العادية فى مواجهة ما يهدده، بل وقد يضحى بنفسه فداءً لمن حوله، ولا نستطيع أن نغفل مثل هذا القول، فقد تجد نماذج على هذا النحو، تضحى من أجل غيرها، لكن يبقى أنها نماذج تكاد تكون استثنائية، تؤكد القاعدة ولا تنفيها. وكم تتزاحم أروقة المحاكم بآباء لا يريدون الإنفاق على أولادهم بعد طلاق الأمهات، وأمهات يزهدن فى أولادهن عندما يطرق بابهن عريس جديد.

المسألة قديمة متجددة، فوقت الخطر أحياناً ما يعمى بصر المصرى عمن حوله، ولا ينظر إلا لنفسه فى محاولة النجاة بها.. انظر على سبيل المثال إلى «الجبرتى» وهو يصف حالة الذاتية والرغبة فى النجاة بالذات التى أصابت المصريين، لما انكسر جيش المماليك بقيادة مراد بك أمام جنود الحملة الفرنسية.. يقول الجبرتى فى «عجائب الآثار فى التراجم والأخبار»: «واستمر معظم الناس طول الليل خارجين من مصر، البعض بحريمه، والبعض ينجو بنفسه ولا يسأل عن أحد، بل كل واحد مشغول بنفسه عن أبيه وابنه، فخرج فى تلك الليلة معظم أهل مصر، البعض إلى الصعيد، والبعض لجهة الشرق وهم الأكثر، وأقام بمصر كل مخاطر بنفسه لا يقدر على الحركة ممتثلاً للقضا متوقعاً للمكروه، فاستسلم للمقدور، ولله عاقبة الأمور.. والحال أن الجميع لا يدرون أى طريق يسلكون، وأى جهة يذهبون، وأى محل يستقرون، فتلاحقوا وتسابقوا، وخرجوا من كل حدب ينسلون».

يبدو هذا المشهد قريباً من أحد مشاهد القيامة فى القرآن الكريم، والذى تحكى عنه الآيات الكريمة من سورة عبس والتى تقول: «يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه».

ولا يجد المصرى تشبيهاً أقرب لساعات الخطر من وصف القيامة.

فأى تهديد بالنسبة له يعنى أن القيامة قامت حين يوقع، أو «القيامة هتقوم» إذا أحس أنه فى الطريق إلى الوقوع، ولهذه القاعدة استثناءات، كما حكيت لك، ولا بد أن يتمتع الإنسان الذى يقوى على غير ذلك بدرجة عالية من الثبات الانفعالى، والسمو الوجدانى، والعطف على الآخر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ساعات الخطر ساعات الخطر



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

GMT 01:42 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن ضم موتينج ودوجلاس كوستا في أقل من نصف ساعة

GMT 22:56 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تسريب جديد للمُقاول الهارب محمد علي "يفضح" قطر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon