توقيت القاهرة المحلي 22:36:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الخدمة التعليمية تتراجع

  مصر اليوم -

الخدمة التعليمية تتراجع

بقلم :د. محمود خليل

سعدت شريحة كبيرة من الطبقة الوسطى وكل الطبقة الفقيرة بقرار مجانية التعليم الجامعى، ونجح عبدالناصر فى إرضاء الكثيرين على هذا المستوى، لكن لم يلتفت أحد إلى أن الوجه السياسى لهذا القرار يهز أركان التعليم الجامعى، حين تقرر مجانيته دون أن تكون منظومته مستعدة لذلك.

وكانت النتيجة ارتباك الخدمة التعليمية التى تقدمها الجامعات نتيجة قبول أضعاف الأعداد التى كانت تقبلها فيما سبق، فعجزت المدرجات والقاعات والمعامل عن الاستيعاب ولم يعد فى مقدور الأساتذة منح الخدمة بالمستوى المطلوب.

نسى الكثيرون فى غمرة سعادتهم بمجانية التعليم الجامعى أن الجامعات قبل الثورة وحتى عام 1964 كانت أهلية وليست خاصة. فتمويل التعليم الأهلى شراكة بين الأسر والدولة، إذ يدفع الطالب جزءاً من المصروفات وليس كلها -كما هو الحال فى التعليم الخاص الذى يتحمل الطالب كلفته كاملة- وتتحمل الدولة باقى المصروفات.

على سبيل المثال كانت مصاريف كلية الآداب فى الأربعينات 20 جنيهاً، بينما تكلفة تعليم الطالب بها 52 جنيهاً، ومصاريف الطالب بكلية التجارة 25 جنيهاً، فى حين تصل تكلفة تعليمه إلى 35 جنيهاً، وتكلفة طالب الطب 45 جنيهاً، فى حين يتكلف 148 جنيهاً، ما يعنى أن الطالب كان يتحمل فى بعض الأحوال نسبة 35% فقط من المصروفات. وكانت تلك هى نظم التعليم الجامعى المعمول بها فى كل دول العالم.

بإمكانك أن تراجع رواية القاهرة الجديدة -تحولت إلى فيلم القاهرة 30- وستجد أن مصروفات الجامعة لم تكن مشكلة بالنسبة لكافة شرائح الطبقة الوسطى، بما فى ذلك أبناء صغار الموظفين، مثل محجوب عبدالدايم، القروى الذى كان أبوه موظفاً صغيراً، ورغم ذلك التحق بكلية الآداب.

لم يكن الوضع إذن سيئاً قدر ما كان متوازناً. فالتعليم العام مجانى حتى المرحلة الثانوية، وقد صانت المدارس الجديدة التى أنشأتها الدولة الناصرية الخدمة التعليمية من التردى بسبب الزيادة فى عدد السكان، أما التعليم الجامعى فشراكة بين الأسرة والدولة، والجامعات قادرة على استيعاب الطلاب وتقديم خدمة تعليمية جيدة لهم، لكن تدخل الدولة، ولا أريد المبالغة فأقول «تسييس التعليم» أدى خلال الحقب التالية إلى تردى هذا المصدر الكبير من مصادر ثروة المصريين.

فالتعليم فعلاً أحد مصادر الثروة بالنسبة لمصر، يكفى أن أقول لك إن خريجى الجامعات التى كانت بمصروفات حتى عام 1964 شكلوا الذخيرة الحية التى سافرت للعمل بدول الخليج أواخر الستينات وخلال فترة السبعينات مثلت المصدر الأهم لضخ العملة الأجنبية إلى مصر، وواصل خريجو الجامعات المجانية الرحلة ولم يزالوا حتى اللحظة يمثلون المصدر الأهم والأكبر للعملة الأجنبية لمصر، لكن تقديرى أن هذا المصدر كان يمكن أن يجلب أضعاف الدخل الذى يدره، لو كانت المؤسسة التعليمية لدينا تقدم خدمة أكثر تميزاً.

منحنى التميز فى الخدمة التعليمية بدأ فى الهبوط شيئاً فشيئاً منذ السبعينات. من عاش رحلة تعليمه العام خلال هذه الحقبة يتذكر أن مشكلة الأعداد الكبيرة ظهرت خلال هذه الفترة، فبدأت فصول المدارس وقاعات المحاضرات تضيق على من بها، وكان المعلمون والأساتذة يبذلون جهداً كبيراً للقيام بواجبهم فى التعليم، لكن طاقتهم كانت تنفد شيئاً فشيئاً بمرور الوقت.

تراجعت الخدمة التعليمية فى السبعينات لكنها لم تنعدم، حيث كان يتولى التعليم بالمدارس والجامعات فى ذلك الوقت كوادر تعلمت تعليماً حقيقياً فى مدارس وجامعات الأربعينات والخمسينات.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخدمة التعليمية تتراجع الخدمة التعليمية تتراجع



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon