توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحق الضائع

  مصر اليوم -

الحق الضائع

بقلم: د. محمود خليل

كل الشعوب مرت بأزمات، طالت لدى بعضها وقصرت لدى أخرى، فتمكنت من الخروج منها، وهى لم تتمكن من ذلك إلا فى اللحظة التى أدركت فيها السبب فى أزمتها، فتعاملت معه ونجت.

ثمة سبب مشترك تجده حاضراً فى كل الأزمات التى مرت بها الشعوب، يستوى فى ذلك شعوب الشرق مع الغرب، يتمثل فى ضياع الحق.

ضياع الحق يعنى لعنة تضرب بأطنابها فى أرجاء حياة البشر الذين ساهموا فى تضييعه والذين رضوا بضياعه، تأمل حديث النبى، صلى الله عليه وسلم، الذى يقول: «لعن الله قوماً ضاع الحق بينهم».

ضياع الحق له صور وأشكال متعددة:

المعلم الذى يحرم تلامذته من خدمة تعليمية حقيقية داخل الفصول، حتى يضطرهم إلى مجموعات التقوية أو الدروس الخصوصية يهدر حق الصغار فى التعليم، والمسئول الذى لا يحترم حق ولى الأمر فى التحفظ أو الاعتراض على القرارات التعليمية العشوائية يهدر حق الناس المتأثرين بالقرارات فى مناقشتها، وولى الأمر الذى يستسهل إضاعة فلوسه على الدروس الخصوصية، ويؤثر الشهادة على العلم، يضيع حق المجتمع فى التقدم والانطلاق.

الطبيب الذى يتواطأ مع مراكز الأشعة، ومعامل التحاليل، وشركات الأدوية من أجل إغراق المريض فى إجراءات ومصروفات قد لا يكون لها لزوم فى تحسين حالته يضيع حقه، وهو يجور بصورة غير إنسانية عليه حين يسوقه إلى شراء أصناف معينة من الأدوية دون غيرها، خدمة لمصالح شركات أدوية معينة، والمريض الذى يسكت على ذلك يسهم فى إضاعة حق غيره، كما أضاع حق نفسه.

الموظف الذى يجور على المواطن، والمواطن الذى يرضى بأن يسير أعماله بالعطايا كلاهما يضيع الحق. الشخص الذى يسرق فرص غيره وينال من المواقع ما لا يستحقه ويصعد على رقاب من حوله بالنفاق والمجاملات يضيع الحق، والمجموع الذى يرضى بذلك يهدر الحق أيضاً.

التاجر الذى يخزن السلع طمعاً فى المزيد من المال، والمطور العقارى الذى يبيع الشقة بسعر عامين قادمين، والبائع الذى يسرق الزبون، كل هذه أشكال وصور مختلفة لإضاعة الحق.

فى إحدى حلقات مسلسل «حديث الصباح والمساء» يدخل داود باشا المصرى إلى محمد فريد فى زنزانته ليعتذر له عن الحكم الذى أصدره عليه نجله عبدالعظيم بك داود بالسجن، فيرد عليه الزعيم قائلاً: «ابنك هذا بارع.. إنه يستطيع أن يغمض عينيه عما يراه كل الناس ثم يحكم بالعدل.. أليست تلك براعة؟».

بهذه الطريقة يختل ميزان الحق فتضطرب موازين الحياة، ومع هذا الاضطراب تقع المجتمعات فى الأزمات، ليأخذ أداؤها بعد ذلك أحد مسارين: المسار الأول يتمثل فى الرضاء بمبدأ ضياع الحق والتماهى معه، فتتعقد الأمور أكثر وأكثر، وتتعمق الأزمة داخل الجميع حتى تصل إلى الرضيع النائم على صدر أمه، المسار الثانى يتمثل فى حدوث استفاقة يدرك معها الأفراد السر والسبب فى أزمتهم وما أدت إليه من اختلال فى ميزان حياتهم، فيتحركون بشكل سريع من أجل ضبط الأوضاع، وإقامة المختل. فى هذه اللحظة يجدون باب الخروج.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحق الضائع الحق الضائع



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 09:56 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 12:18 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

الروح والحب والإخلاص " ربنا يسعدكم "

GMT 23:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا

GMT 18:11 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

3 تحديات تنتظر الزمالك قبل غلق الميركاتو الصيفي

GMT 07:33 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

"سيسيه يؤكد رفضت عروضا من أجل البقاء مع "الاتحاد

GMT 05:59 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

محمد النني يقترب من الدوري السعودي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon