توقيت القاهرة المحلي 19:11:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

(24).. النجمة فى مدرّج «مشرّفة»

  مصر اليوم -

24 النجمة فى مدرّج «مشرّفة»

بقلم: د. محمود خليل

إنها النجمة التى تلمع أمام من ينظر إليها من بعيد، وليس يهم ما يتزاحم على خريطتها من طوب وحجارة لمن يراها عن قرب.. من بعيد كان طلاب كلية العلوم المحتشدون فى مدرّج على مصطفى مشرّفة ينظرون إلى النجمة المتألقة المتأنقة نجلاء الأحمدى التى تستضيفها اللجنة الثقافية لاتحاد طلاب الكلية فى ندوة حول المسلسل التليفزيونى الأخير الذى شاركت فيه، لم يكن دورها محورياً أو بطولياً، لكن جهاز الدعاية التابع لها كان يعرف كيف يضخّم كل صغير تفعله.

كان الطلاب والطالبات ينظرون إلى جمالها بانبهار، أما انبهار الأساتذة فكان أكبر. يوم الندوة رفض «عبدالعظيم» إلغاء المحاضرة التى تتزامن فى موعدها مع لقاء النجمة، سمع أحد زملائه يهمس: «المجنون يحرم نفسه من نعمة النظر إلى الجنة»، ضحك فى نفسه وقال: «آه لو تعلمون أن هذه الجنة كانت ساحة عبثى فى يوم من الأيام». لم يزل موجوعاً بحبها، وشوقه إليها يناديه، لكنه تعلّم قهر نفسه قبل أن تقهره الدنيا، فدفن حبه وحنينه فى قلبه، وعاش آمناً فى واحة أسرته التى تضم زوجته الطيبة وولديه.

عندما عاد إلى البيت فى ذلك اليوم وجد أباه يجلس على كرسيه الهزاز إلى جوار الشرفة المطلة على مسجد أحمد بن طولون يقرأ كتاباً عن ثورة 1919. وضع الكتاب جانباً، وسأل عبدالعظيم:

- خالد: ما رأيك فى الجيل الجديد من طلبة الجامعات؟

- عبدالعظيم (ضاحكاً): غريبة.. عمرك ما سألتنى قبل كده عن أى حاجة فى الجامعة.. إيه اللى فكّرك بالطلبة النهارده؟

- خالد (وهو يمسك الكتاب): ثورة 1919.

ما إن سمع «مازن» نجل «عبدالعظيم» صوت جده يحكى حتى هرول من المطبخ، حيث كان يقف مع أمه، وسأله عن ثورة 1919 وما حدث فيها. نظر «خالد» إلى مدنة «ابن طولون» بعمق وكأنه يستجمع منها الحكاوى، ثم قال: كان صباحاً عاصفاً ذلك الذى عاشه الناس يوم 9 مارس 1919، فما إن علم طلبة كلية الحقوق باعتقال سعد وصحبه يوم 9 مارس حتى أضربوا عن الدراسة وتظاهروا داخل الكلية ثم خرجوا منها إلى الشارع، حيث انضم إليهم طلبة الهندسة والزراعة، وتحركت المسيرة الطلابية من الجيزة إلى قصر العينى، حيث انضم إليها طلبة الطب، ومن قصر العينى إلى شارع المبتديان، حيث انضم طلبة التجارة العليا والشريعة، وظلت تسير حتى وصلت إلى ميدان السيدة زينب، وفيه تم القبض على بعض المتظاهرين، وترحيلهم إلى مديرية الأمن. واستيقظ المصريون يوم 10 مارس على إضراب كامل عن الدراسة نظّمه طلاب المدارس العليا انضم إليه طلاب المدارس. توقف «خالد» عن الحكى فجأة وقال:

- خالد: هل تعرف يا عبدالعظيم أن على مصطفى مشرّفة كان يدرس فى ذلك الوقت فى إنجلترا وأراد العودة إلى مصر ليشارك فى الثورة؟

- عبدالعظيم (باندهاش وقلق لما خطرت نجلاء على باله): وإيه اللى فكّرك بمصطفى مشرّفة النهارده بالذات؟.. (ثم فى سره) اللعنة على الزمن الذى جعل مدرجه مرتعاً لصويحبات يوسف.

- مازن: وطلبة إعدادى يا جدى شاركوا فى الثورة؟

- خالد (ضاحكاً): شاركوا حين وصلوا للجامعة.. كل شىء بأوان يا مازن.. فإذا آن الأوان حضر من حضر ورحل من رحل.

لم يبرأ «عبدالعظيم» من حبها، لكنه كان ناقماً عليها، كيف اجتمع الحب والنقمة فى قلبه؟ لا يعرف، كل ما يدركه أن النقمة تتسرب إلى خلايا الحب فتلهبها، لكنها لا تستطيع القضاء عليها. كان يعلم أن «نجلاء» وافقت على المشاركة فى الندوة التى أقامتها الكلية من أجله، وكانت بالفعل كذلك، فقد أرادت الاقتراب منه، كانت تشعر بفراغ، بعد أن طلقها زوجها سراً، كما تزوجها سراً، الأخبار كانت تتطاير وتصل إلى «عبدالعظيم»، لكنه لم يفكر فى غزوها، شىء بداخله كان يؤكد له أنها ستبادر، فالعمر يجرى والجمال يذوى والأضواء تنحسر، وتبقى دائماً بقية. ليس ثمة من بأس أن يقبض بيديه على ما تبقى من «نجلاء»، ويكفيه أنه أول من قطف الزهرة وهى بكر يانعة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

24 النجمة فى مدرّج «مشرّفة» 24 النجمة فى مدرّج «مشرّفة»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:47 2020 الثلاثاء ,11 شباط / فبراير

ميسي وصيفا لـ محمد صلاح تسويقيا

GMT 16:55 2019 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

السويد تعتقل عراقيا اتهمته بالتجسس لصالح إيران

GMT 06:05 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

تعرّف على الفوائد الصحيّة لفيتامين "ك" ومصادره الطبيعية

GMT 05:39 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

حقيقة إصابة خالد الغندور بفيروس كورونا

GMT 07:44 2020 الثلاثاء ,16 حزيران / يونيو

سيفاس يفوز على دينيزليسبور بصعوبة في الدوري التركي

GMT 22:48 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

منى زكي تؤكد هشام نزيه موسيقار عبقري ويستحق التكريم

GMT 09:07 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

رجل يعتدي على فتاة بالضرب بسبب صفّ السيارات في تكساس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon