توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كيف عبرنا النكسة؟

  مصر اليوم -

كيف عبرنا النكسة

بقلم: د. محمود خليل

لم تكن نكسة 5 يونيو 1967 حدثاً هيناً على المصريين. وقتها بدا الحدث مفاجئاً بشكل كامل للشعب الذى صدق ما تقوله وسائل الإعلام حول حجم القوة والقدرة اللتين نملكهما فى مواجهة إسرائيل، وظهر الحدث مفاجئاً بصورة نسبية لبعض المسئولين الذين كانوا يدركون أننا نعيش بعض المشكلات على مستوى الأداء، لكنهم لم يتنبهوا إلى أننا نعيش «كارثة أداء»، وهناك قلة توقعت الكارثة قبل حدوثها، فشمتت فيما وقع.

اجتهدت السلطة حينذاك فى توظيف أدواتها الإعلامية والسياسية فى تهوين ما حدث. ابتكر محمد حسنين هيكل -كما تعلم- مصطلح «النكسة» لوصف ما حدث، وبدأ البعض يتحدث عن أننا خسرنا معركة، لكن الحرب مستمرة، واشتط آخرون فى عملية التهوين، فقالوا إن ما حدث لا بد أن نحمد الله عليه -والحمد لله على كل شىء بالطبع- لأن مثلنا كمثل شخص سقط تحت عجلات ترام فأكل يده، وعليه ألا يحزن لأن الله سترها معه وظل معه باقى جسده.

فى المقابل، اجتهدت بعض الأصوات فى تفسير ما حدث، فتطرقت إلى عدم الوعى بالعدو وقدراته، والضحك على أنفسنا فيما يتعلق بقدراتنا، وتم فتح ملف الحريات وضرورة مراجعة منهجية القرارات الأحادية التى سيطرت على مشهد ما قبل النكسة، وتطرق البعض إلى مسألة العصرنة وضرورة الأخذ بأسباب العلم والتكنولوجيا فى مواجهة عدو يعتمد عليهما بصورة لا تحتمل المواربة.

على المستوى العام، ظهر لدى غالبية المصريين اتجاه ينحو تجاه جلد الذات، واتهام النفس بالعجز والجعجعة، واستعادت الذاكرة العديد من الأمثلة الشعبية التى تشوه الشخصية العامة، مثل أن هذا الشعب «زمارة تلمه وعصاية تجرّيه»، و«الجبان له نص الدنيا»، و«عيش ندل تموت مستور»، و«الإيد اللى ما تقدرش تعضها بوسها»، و«لو دخلت قرية بتعبد العجل حش وارميله». وتلك طبائع النفس المتعبة المرهقة التى تعيش حالة صدمة، فما أكثر ما تميل إلى اتهام الذات، عشماً فى أن يقدم لها ذلك نوعاً من التفسير أو التبرير لما حدث.

عكست الاتجاهات الثلاثة التى سارت فيها ردود الفعل حجم الأزمة التى كانت تعيشها كل الأطراف: السلطة والنخبة والشعب. فإنكار الواقع أو محاولة التهوين منه لا يعنى تغييره أو تعديل أوضاعه. فالحقيقة دائماً تفرض نفسها على الجميع، مهما اجتهدنا فى تجميل الواقع. وجلد الذات لا يؤدى أيضاً إلى إصلاح أو تغيير بل يعمّق الجراحات، ويفاقم الأزمات، ويتسبب فى المزيد من السلبية التى تُعجز الشخصية عن الفعل.

كان الأوقع هو الاستماع إلى الأصوات التى حللت الأوضاع العلمية والتكنولوجية والثقافية والسياسية التى نعيشها، وحددت -بناء عليها- أسباب ما حدث، لكن يبقى أن النخب المثقفة أحياناً ما ينظر إليها كعواجيز الفرح اللاتى يثرثرن بكلمات لا جدوى منها، لأن ما وقع قد وقع، ولا سبيل إلى التغيير.

خرجت مصر من هذا النفق حين أدركت كل الأطراف (السلطة والنخبة والشعب) الواقع كما هو واقع، وحين امتلك الجميع «إرادة التغيير».. لحظتها جاء النصر المجيد فى أكتوبر 1973.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف عبرنا النكسة كيف عبرنا النكسة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 09:56 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 12:18 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

الروح والحب والإخلاص " ربنا يسعدكم "

GMT 23:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا

GMT 18:11 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

3 تحديات تنتظر الزمالك قبل غلق الميركاتو الصيفي

GMT 07:33 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

"سيسيه يؤكد رفضت عروضا من أجل البقاء مع "الاتحاد

GMT 05:59 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

محمد النني يقترب من الدوري السعودي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon