توقيت القاهرة المحلي 13:08:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مصر التي في «المعرض»

  مصر اليوم -

مصر التي في «المعرض»

بقلم: د. محمود خليل

دخل الفنان محيى إسماعيل القاعة التى ستشهد الندوة الخاصة بالاحتفال بمرور 200 عام على ميلاد الروائى الروسى «ديستوفسكى»، فوجد فيها 5 أشخاص فقط.. قاعة تستوعب مئات الحضور لا يوجد فيها إلا خمسة.. فما كان منه إلا أن رفض الصعود إلى المنصة وغادر القاعة.

لا نستطيع أن نُقرّر على وجه الدقة هل العزوف عن الحضور ناتج عن أسباب تنظيمية تتعلق بالقائمين على أمر معرض الكتاب لهذا العام، وعدم قيامهم بالدعاية الكافية للأنشطة الثقافية التى تتم على هامش المعرض، أم يرتبط بالجمهور الذى بات عازفاً عن حضور مثل هذه الأنشطة الفكرية والثقافية؟

ربما أسهم العاملان فى خروج المشهد على هذا النحو. فالندوات الشبيهة التى احتضنها المعرض فى الثمانينات والتسعينات -على سبيل المثال- كانت تحظى باهتمام بالغ من جانب رواده الذين كانوا يحرصون كل الحرص على حضورها. يتذكر كثيرون كيف كان يتزاحم المصريون على الندوات الشعرية التى حضرها الراحل الكبير «نزار قبانى»، الذى ألقى تحت سقف إحدى قاعات المعرض واحدة من أروع قصائده: «يوميات سياف عربى»، وحجم التفاعل الكبير من جانب الجمهور مع المعانى التى كانت تتدفّق عبر أبياته الشعرية. وداخل قاعات المعرض كان يحضر أبرز نجوم الفكر والفن فى مصر والعالم العربى، ويشاركون فى ندوات كانت تُعد فى تلك السنوات من أهم الخدمات الثقافية التى يُقدّمها المعرض لجمهوره.

الزمان اختلف بالطبع، فالجيل الجديد من الشباب لم يعد -فى أغلبه- يُقبل على سلعة الثقافة التى يوفّرها معرض الكتاب، فى حين يفضّل أنواعاً أخرى من السلع، ولك أن تتخيل حجم الإقبال والحضور إذا كان الحدث مهرجاناً غنائياً أو خلافه، ولا يعنى ذلك بحال أن الأجيال السابقة لم تكن تُقبل على المنتج الغنائى، لكن أمر الغناء للإنصاف كان مختلفاً، فقد كانت الأغنية هى الأخرى حاملاً لثقافة اجتماعية أو سياسية أو إنسانية، ولم تكن أفكارها تشبه المتداول حالياً فى سوق الغناء.

لكن لكى تكتمل الصورة لا بد أن نعترف بأن جهود الترويج للأنشطة الثقافية بمعرض الكتاب كانت أكبر فى الماضى، فقد كان يعلن عن هذه الأنشطة فى كل الاتجاهات، وباستخدام جميع الوسائل المتاحة، كما كانت وسائل الإعلام تهتم بتغطيتها وسرد ما اشتملت عليه من تفاعلات. ويبدو الأمر مختلفاً حالياً، فحجم الاهتمام بالترويج للندوات الفكرية والثقافية التى يحتضنها المعرض ليس بالقدر أو الفاعلية الكافية، والقائمون عليه يؤدون مثلما تؤدى أغلب المؤسسات حالياً التى أصبح جل همها إيجاد زفات على العالم الافتراضى بوضع بوستات على مواقع التواصل الاجتماعى حول خطوات أو قرارات أو فعاليات تختلف فى قيمتها، ليستقبلوا عليها اللايكات والشير والكومنتات وغيرها، وينامون ملء جفونهم، معتبرين أنهم بذلك قد أنجزوا.

الشغف بالإنجاز الافتراضى أدى إلى حالة الفراغ التى يشهدها الواقع، والتى تجلّت فى خلو القاعة المخصّصة لاستضافة ندوة حول الأديب الروسى ديستوفسكى.. إنها مصر الافتراضية التى تقبع الآن فى المعرض.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر التي في «المعرض» مصر التي في «المعرض»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon