توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الدين الإبراهيمي الجديد

  مصر اليوم -

الدين الإبراهيمي الجديد

بقلم :د. محمود خليل

دعنى أحدثك الآن عن الفكرة الأم التى تدور حولها جهود إشعال التعصب الدينى بين البشر حالياً، وإن بدت أهدافها المعلنة غير ذلك، إذ يردد أصحابها أن هدفهم معالجة هذه الظاهرة البشرية السلبية، وهى فكرة «الدين الإبراهيمى الجديد».

لا أريد أن أضيف إلى معلوماتك ما تعرفه بالضرورة عن ارتباط فكرة «الدين الإبراهيمى» بمنطقة الشرق الأوسط بصورة خاصة، حيث يوجد فيها الديانات الإبراهيمية الثلاث (اليهودية - المسيحية - الإسلام)، وقد لا أضيف إليك جديداً أيضاً إذا قلت لك إن الأديان الثلاثة تجتمع على فكرة الإيمان بالله والأنبياء والكتب السماوية والقيامة والحساب، لكن يمتلك أبناء كل دين تصوراً خاصاً ويقينياً عن كل عنصر من عناصر الإيمان تلك، هذا الإيمان اليقينى (أو المغلق أحياناً) لم يمنع الكثير من أصحاب كل دين من هذه الديانات من احترام عقيدة الآخر والتسامح ومد جسور التعاون معه.

سمعنا طيلة العقد الأول من القرن الحادى والعشرين عن دعوات للحوار بين الأديان الثلاثة، وظهرت العديد من الجهود التى تدعم هذه الفكرة الإيجابية بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001، وشاركت العديد من الجهات والمؤسسات الدينية المعتبرة فى هذا الحوار، لكننا لم نسمع من قبل عن فكرة الدمج بين الأديان، بل إن البعض تحفظ منذ مرحلة مبكرة على عبارة «التقارب بين الأديان الإبراهيمية» حين استخدمت كبديل لـ«الحوار بين الأديان» على أساس أن التصور العقائدى لأصحاب كل دين يختلف تماماً عن الآخر.. فما هو التقارب الذى يمكن أن نتوقعه فى مثل هذه الوضعية؟

فكرة الدمج أو توحيد الأديان الإبراهيمية الثلاثة فى ديانة واحدة فكرة ساذجة وعبثية، ومؤكد أن من يقفون وراءها واثقون أكثر من غيرهم أن مآلها الفشل والانطفاء.. ستسأل ولماذا يطرحونها إذن؟

أقول لك: الهدف ببساطة هو المزيد من التأجيج للصراعات الدينية ودفع عجلة التعصب الدينى لتعمل بكامل طاقتها. فالجهود الاستفزازية الجزئية التى تنطلق هنا وهناك لم تُحدث الأثر المطلوب فى نفوس الشعوب. فالأفراد العاديون فى كل الديانات لا يعرفون التعصب، بل متسامحون بالفطرة، وكل ما يرجونه فى دنياهم هو العيش الكريم ليس أكثر، بعضهم يُستفز من الأفكار التى يسمعها هنا أو هناك، لكنه فى النهاية يربطها بأصحابها، لأنه يؤمن بالفطرة أن للدين رباً يحميه.

فى هذا السياق جاء الدفع بفكرة «الدين الإبراهيمى» فى محاولة لإشعال فتيل التعصب لدى المتدينين بالديانات الثلاث، ودفع كل منهم إلى الإحساس بأن هناك من يريد أن يبتكر لهم ديناً جديداً ينسف دين الآباء والأجداد، وهى محاولة قديمة متجددة، فمن قبل ظهرت البهائية ودعت إلى إيجاد رؤية موحدة ما بين البشر من معتنقى الأديان ذات المصدر الإلهى الواحد.

طرح حدوتة «الدين الإبراهيمى الجديد» يعيدنا إلى وصف وزير الثقافة الفرنسى الأسبق أندريه مارلو للقرن الحادى والعشرين بأنه قرن الأديان بامتياز، وأنه مرشح لاحتضان العديد من الصراعات الدينية المريرة، وهى تعكس ما نعرفه جميعاً من ميل من جانب الغرب إلى التخطيط المبكر لإنفاذ مطامعه فى منطقة الشرق الأوسط، عبر استنزاف أمواله فى شراء السلاح، تلك التجارة التى تروج أكثر ما تروج فى الصراعات الدينية أو المذهبية أو الطائفية، ولا يوجد شىء يمكن أن يشعلها أكثر من الشعور بأن «الدين مهدَّد».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدين الإبراهيمي الجديد الدين الإبراهيمي الجديد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 08:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 10:29 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

شريف مدكور يُعلن إصابته بفيروس يُصيب المناعة

GMT 12:37 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

طبيب الأهلي يعلن جاهزية الثلاثي المصاب للمباريات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon