بقلم :د. محمود خليل
تواصل معى بعض أولياء الأمور وعدد من الطلاب بأحد المعاهد الخاصة التى تخضع لإشراف وزارة التعليم العالى، التى يقودها الدكتور خالد عبدالغفار، يشتكون من أن المعهد الذى يدرسون فيه يفرض على طلاب الفرقة الرابعة، الذين يدرسون مادة «مشروع تخرُّج»، أن يدفع كل طالب منهم سبعة آلاف جنيه كاملة -غير المصروفات الدراسية بالطبع- ليشارك مع زملائه فى مجموعات تعد كل واحدة منها مشروعاً.
ولكى تتضح الصورة أمامك أقول لك إن بعض التخصصات العملية -مثل تخصص الإعلام- تتطلب من الدارس إعداد مشروع تخرُّج ضمن مواد الفرقة الرابعة (جريدة - مجلة - مدونة إلكترونية - برنامج إذاعى - برنامج تليفزيونى.. وهكذا)، وهو مشروع له تكلفته المالية ولا شك، لذلك تتكون مجموعات من عدد محدود من الطلاب يقومون بإعداد وتمويل إنتاجه، بحيث لا يدفع الطالب منهم أكثر من ألف جنيه. وفى الكيانات العلمية المحترمة لا يدفع الطالب مليماً واحداً، لأنه يعتمد على أدوات التدريب التى يفترض أن المعهد أو الكلية لا تُرخَّص إلا إذا توافرت فيها، مثل الاستديوهات ومعامل الكمبيوتر والمطبعة وغرف الأخبار وصالات التنفيذ وغير ذلك.
المعهد إياه لا يكتفى بحرمان الطلاب من استخدام الأدوات المتاحة به -إن كانت متاحة بالفعل- ولا يترك الطلاب يديرون أمورهم اقتصادياً لإنتاج المشروع الخاص بهم، بحيث ينهض كل طالب بتكلفة معقولة، بل على العكس يفرض عليهم دفع رسوم سبعة آلاف جنيه للمشروع إلى خزينة المعهد، قد يقول قائل إن من الوارد أن يكون ذلك نظام المعهد، ولكن ما رأيك أيها القائل أن عدداً من الطلاب أكدوا لى أنهم لا يأخذون إيصالاً بالآلاف السبعة، رغم مطالبتهم وبعض أولياء أمورهم بذلك؟!.
أفهم أن تفرض أى جهة رسوماً على أى شىء، لكننى لا أفهم أن يدخل المال دون إيصالات أو بعيداً عن القواعد التى يرتكز عليها نظام الشمول المالى الذى ارتضته الحكومة لإدارة شئونها والحصول على حق الدولة فيما يخص الضرائب وخلافه.
وزارة التعليم العالى جزء من هذا النظام، وهى مطالبة بألا تترك بعض المعاهد الخاصة تغرد بعيداً عن نظام العمل داخل دولاب الدولة، ومطلوب منها قبل ذلك ألا تدع الطالب وولى الأمر فريسة لمطامع أصحاب المعاهد الذين يظنون أنهم يملكون عزباً خاصة وليس مؤسسات تعمل بالقواعد الأكاديمية المتعارف عليها دولياً، وتتابع الوزارة مدى التزامها بها.
الأسر المصرية ليست بحاجة إلى المزيد من الضغوط، فيكفيها جداً ما تدفعه من مصروفات للجامعات والمعاهد التى لم يجد بعضها طلبة هذا العام بسبب قلة الحيلة وضيق ذات اليد، وفرض أية رسوم أخرى جديدة، وجمعها بهذه الطريقة بعيداً عن الأطر الرسمية المتعارف عليها أمر لا يجب السكوت عليه.
لقد وثقت العديد من التقارير الإعلامية بعض وقائع الفساد بالمعاهد الخاصة خلال السنوات الماضية، بإمكانك أن تدخل على مواقع الصحف لتقرأ بعضها، وقد آن الأوان لتحرك حاسم من جانب وزارة التعليم العالى.. فهل يفعلها الوزير؟!.