بقلم :د. محمود خليل
لو أنك رجعت إلى أعداد الصحف التى صدرت فى مصر عقب زلزال أكتوبر 1992 والذى أدى إلى انهيار بعض المنازل وسقوط ضحايا ومصابين فستجد أن أكثر سؤال كان مطروحاً فى ذلك الوقت هو: هل دخلت مصر حزام الزلازل؟
مضى على الزلزال الشهير 29 سنة لنفاجأ بعدها بالسؤال يطرح من جديد فى أكتوبر 2021. فخلال الشهر الحالى تعرضت مصر لزلزالين تزيد قوتهما على 6 درجات على مقياس ريختر، بالإضافة إلى أربعة توابع، بلغ أقواها 3.9 درجة.
قفز السؤال من جديد: هل دخلت مصر حزام الزلازل؟
خبراء المعهد القومى للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية أجابوا عن السؤال بالنفى، وأكدوا أن مصر لم تدخل حزام الزلازل، وأنها بعيدة كل البعد عنه، وكل ما حدث هو أن الناس أصبحت تشعر حالياً بالزلازل بسبب تطوير معدات الرصد وتزويدها بأحدث التقنيات، التى ترصد الخفيف والثقيل منها.
خبراء الرصد أدرى ولا شك، لكنهم لم يوضحوا لنا المعايير التى يستند إليها تقرير دخول أو عدم دخول دولة معينة فى نطاق حزام الزلازل. كذلك ليس هناك إجابة عن بعض الأسئلة المهمة مثل: هل من الطبيعى أن تشهد مصر 6 زلازل خلال أسبوعين؟ وما دلالة أن تقع أخطر الزلازل التى واجهناها خلال العقود الثلاثة الأخيرة فى شهر أكتوبر؟ وهل ثمة عوامل معينة تجعل الزلازل مقرونة بهذا الشهر؟
على مدار تاريخها ضرب مصر عدد من الزلازل -مثلها فى ذلك مثل بعض دول المنطقة- من بينها زلزال القاهرة الكبير الذى وقع يوم الأحد 5 أغسطس 1303، وزلزال عام 1405. ولعلك تذكر أيضاً حدوتة الزلزال الذى وقع فى عصر كافور الإخشيدى، وبيت الشعر الشهير الذى اقترن به.
ولو أنك تابعت ما كتب الجبرتى فى «عجائب الآثار فى التراجم والأخبار» ستجد أنه حكى عن زلازل ضربت مصر عبر محطات زمنية مختلفة من تاريخها.
بل إن نشأة مرصد حلوان للزلازل ارتبطت بالزلزال الكبير الذى ضرب مصر عام 1903 وخلف آلاف القتلى والجرحى. كما شهدت مصر عام 1969 زلزالاً عنيفاً بجزيرة شدوان بشرم الشيخ.
ويعنى ما سبق أن مصر لم تكن خالية من الزلازل على مراحل تاريخها القديم والحديث والمعاصر، وبالتالى فثمة سؤال أجدى لا بد من طرحه، بدلاً من سؤال «الحزام» وهو كيف تم تأهيل المبانى لدينا بصورة تجعلها قادرة على استيعاب أى هزات أرضية؟
هناك قواعد معينة متفق عليها عالمياً كمعايير لبناء المنازل والمنشآت بشكل يجعلها مقاومة للهزات الأرضية، ونحن بحاجة إلى مراجعة دورية لمعدل الالتزام بها، على الأقل بالنسبة للمبانى الجديدة، ومتابعة جدية لمنسوب مراعاتها.
أيضاً لا بد أن يدخل الباحثون لدينا نادى توقع الزلازل. فالدراسات على أشدها فى دول العالم المتقدم، وخصوصاً الدول التى تعانى من زلازل، من أجل وضع معايير لتوقع حدوث زلازل فى مناطق معينة قدر المستطاع، بهدف محاصرة عدد الضحايا. وأظن أن لدينا باحثين لديهم القدرة على تقديم الجديد فى هذا المجال.
حفظ الله مصر وشعبها الطيب.