توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صور قديمة متجددة

  مصر اليوم -

صور قديمة متجددة

بقلم: د. محمود خليل

الحدث الواحد يمكن أن يعيد إنتاج نفسه عدة مرات، والشخصية الواحدة التى تظهر داخل حدث معين يمكن أن تتكرر عدة نسخ منها خلال فترات زمنية متباعدة.

لو أنك طالعت قصة «السماء السابعة» فى مجموعة «الحب فوق هضبة الهرم» للمبدع العالمى نجيب محفوظ فسوف تلاحظ كيف وظَّف بعبقرية فكرة تناسخ الشخصيات، انطلاقاً من قاعدة أن كل شخصية ولها روح معينة ترشدها «المرشد الروحى»، وذهب فى قصته البديعة إلى أن عمر مكرم هو مرشد روحى لأنيس منصور، وأحمد عرابى مرشد روحى للويس عوض، ومصطفى كامل مرشد فتحى رضوان، ومحمد فريد مرشد عثمان أحمد عثمان.

كان نجيب محفوظ يبحث عن خطوط التلاقى بين هذه الثنائيات، وهناك فى كل الأحوال ما يجمع بين البشر، فعوامل الوراثة فاعلة، وتشابه الظروف والضغوط قد يؤدى أيضاً إلى تشابه التصرفات بين بشر يعيشون فى أزمنة أو أمكنة مختلفة.

على مستوى عوامل الوراثة قيل قديماً إن الولد سر أبيه، فالابن مرآة تنعكس عليها طبائع وصفات الأب، لكن يحدث فى أحوال أن يتمرد الابن على أبيه، ويرفض ما هو عليه، مثلما فعل نبى الله إبراهيم مع أبيه الذى رفض الاستجابة لدعوة التوحيد ونبذ عبادة الأصنام، وكما حدث مع نبى الله نوح الذى تقدم رحلته الصورة العكسية التى يتمرد فيها الابن على الاستجابة لنداء الإيمان.

هذان النموذجان يقدمان لنا صورتين للتمرد على أوضاع الأب، حين يتعلق الأمر بالقيم الإيمانية. المسألة هنا خرجت عن سياق الرغبة التى تعترى الكثير من الأبناء فى ميراث آبائهم، إلى الاجتهاد فى التمرد، واختيار طريق آخر غير طريق الأب.

فى كل الأحوال نموذج التمرد على الأب هو النادر، ونماذج الشغف بالوراثة هى الأكثر توهجاً فى حياة البشر: «بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ». وإذا كان الإسلام قد أحل للابن وراثة مال أبيه الذى جمعه من حلال، فقد صادر بصورة قاطعة على فكرة وراثة فكر الأب أو نهجه فى الحياة، حين يحيد عن الحق والعدل.

محاولة الابن تكرار رحلة أبيه هى أردأ صور التناسخ، لأنك لا تستطيع أن تكون غيرك، حتى ولو كان غيرك هذا أباك.. فالبشر لا يتكررون، على الأقل فيما يتعلق بتركبيتهم وقدراتهم.

فى المقابل يصح أن تتكرر صور الأداء البشرى على اختلاف الأزمنة والأمكنة ما تشابهت الظروف.. لقد تخلصت شجرة الدر من السلطان توران شاه بنفس الطريقة التى تخلصت بها من السلطان عزالدين أيبك، وتخلص السلطان سيف الدين قطز من منافسيه بنفس الطريقة التى تخلص بها بيبرس البندقدارى من قطز، أما بيبرس فقيل إنه مات مسموماً على يد بعض منافسيه.

إنها صور لأفعال أو ردود أفعال تتكرر حين تتشابه الظروف، لأن الإنسان فى النهاية واحد، وبالتالى قد تتكرر سلوكياته حين يواجه نفس التحديات.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صور قديمة متجددة صور قديمة متجددة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 09:56 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 12:18 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

الروح والحب والإخلاص " ربنا يسعدكم "

GMT 23:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا

GMT 18:11 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

3 تحديات تنتظر الزمالك قبل غلق الميركاتو الصيفي

GMT 07:33 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

"سيسيه يؤكد رفضت عروضا من أجل البقاء مع "الاتحاد

GMT 05:59 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

محمد النني يقترب من الدوري السعودي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon